بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
الاعجاز بمفهوم بديهي : عبارة عن خرق لنواميس الكون ، وتغيير في قوانين الطبيعة ، وقلب للنظام الثابت في الموازين إلى نظام متحول جديد.
فالثابت هو الأصل الجاري على سنن الحياة ، والمتحول هو الحالة المغايرة لأنظمة المعادلات الكونية المتكافئة. هناك إذن مَعْلَمات : معلم طبيعي بسيط ، ومعلم خارق معقد ، والمعلم الطبيعي لا تجد عنه متحولاً ، فهو سنة الله في الإبداع والمعلم الخارق ما تجد فيه قلباً لتك السنن ، ومجابهة لمجريات الأحداث الرتيبة ، بأخرى إعجازية. فزوجية الكائنات هي الأصل في بعث حقائق الأشياء ، والطريق إلى تسيير حياة الكائنات في العوالم المرئية والمسموعة والمدركة والمتخيلة بدليل قوله تعالى :
( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) ) (١).
وفي هذا الضوء يكون الايجاد الطبيعي للإنسان منسجماً مع نظام الزوجية العام في حالة متأصلة إعتيادية ، ويكون الأصل التكويني للبشرية في خلق آدم من التراب دون الطريق الطبيعي في التناسل هو الحالة الفريدة ، وهي الاعجاز ، ويحمل عليها كلما قابل العادة ، ولم يخضع إلى التجربة كما في إيجاد عيسى عليهالسلام بما مثله القرآن : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٥٩) ) (٢).
وليس السبق في العلم إعجازاً بل هو من مفردات إكتشاف المجهول ،
__________________
(١) يس : ٣٦.
(٢) آل عمران : ٥٩.