٢ ـ الضرر الأسري : شارب الخمر في أسرته يرشح هذه الأسرة لاقتراف هذه الكبيرة الموبقة ، ورب الأسرة هو الشاخص الماثل في كيان الأسرة ، يقتدى به ، وينظر إلى تصرفاته ، وفي الأسرة الزوج والولد والأخ ، فأما أن يقتدوا بعمله ، وذلك ما يفتت جسم هذه الأسرة وينذرها بالفناء ، وإما أن يتمردوا عليه ، فيصبح شريداً منبوذاً ، وبذلك أيضاً يتفكك التركيب الأسري ، ويركب كل طريقه دون توجيه ، والحديث يقول : « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » فأين هي المسؤولية هنا ، ورب الأسرة في الهوة الدنيا من الانحراف الاخلاقي ، والأسرة متشرذمة في هذا الجو القاتم.
٣ ـ الضرر الفردي : ويتمثل في جناية المرء على نفسه ، وتدهوره صحياً وخلقياً وعقلياً ونفسياً ومالياً ، وهذا مما سنقف عنده قليلاً :
أ ـ الضرر الصحي ، وأطباؤنا أعرف بهذا الضرر على المرء في أمراض شتى ، لعل من أبرزها : أمراض المعدة والكبد والطحال والعيون والأعصاب ؛ أضف إلى ذلك ما تتأثر به الجينات الوراثية ، وما يورثه الأب للأبناء من الاصابات الخطيرة ، حيث ثبت أن ذرية معاقري الخمرة أكثر تعرضاً للأمراض ، والأمراض تشيع فيهم تأصلاً دون غيرهم من الأبناء من ذرية غير المدنيين.
ب ـ الضرر الخلقي ، هناك إنحراف في أخلاقية المتناول للخمر ، فالفحش والبذاء وهما محرمان في الشريعة الإسلامية ملازمان له في الأغلب ، والتطاول على الآخرين بالكلم النابي ، والحديث الفج ، والسليقة المعوجة ، والترهل في التصرفات ، والامبالاة في القول والعمل ، وكل أولئك مما تتقاصر معه الأخلاق ، وتتدانى به التقاليد والأعراف ، وتتآكل فيه بنية الهرم الإنساني فيسود الغضب والاعتداء ، وتتحكم الأنانية والأثرة بأسوأ صورهما.
ج ـ الضّرر العقلي : لا ريب أن معاقرة الخمر مما يفتقد معها العقل كلاً أو جزءاً ، فإذا فقد كلاً فقد خرج المرء عن دائرة بشريته ، وإذا فقد جزءاً ، فهو تضييع للجوهرة الانسانية الفريدة التي وهبها الله لهذا المخلوق دون سائر مخلوقاته « ولقد كرّمنا بني آدم ».