وإضاعة هذا التكريم إضاعة لأغلى هبة منحها الله لعبده ، والعقل هو مناط التكليف ، وبه تتقدم البشرية ، وتتفاضل المجتمعات الراقية ، وضياع هذا العقل في قارعة الطريق بين موائد الخمر ومباذل الشهوات إجهاز فعلي على إبراز مقومات الروح الانساني.
د ـ الضرر النفسي : وتبدو الآثار النفسية بأبشع صورها عند شاربي الخمور ، وأبرزها الخمول الذهني ، والوهن العصبي ، والتقوقع على الذات ، وفقدان السيطرة على الإرادة ، يلوح عليه التردد ، ويصاحبه الفشل والخذلان ، يتوقع التهرب من الواقع السيء ليقع في واقع أسوأ ، كمن يطفىء النار بالحطب.
لقد صورت الحضارة الغربية للشبان أن التخلص من مشكلات الحياة مقترن بشرب الخمور ، وأن التغلب على مكاره الدهر يكمن في حب الشهوات ، وكلا العلاجيْن المزعومين لا نصيب لهما من الصحة ، بل على العكس تماماً ، فهو يفرّ من الهموم ليقع في الغموم ، وهو ينفس عن الكربات بأسوأ منها من الموبقات.
ه ـ الضرر المالي ، ويتمثل بهذا النوع من العبث والاسراف بالمال دونما وضعه في موقعه المشروع الذي يراد منه وله ، والمرء يسأل غداً عن ماله ممّ إكتسبه ، وفيم أنفقه ، فلا يجوز التكسب بالحرام بيعاً وشراء ، والتصرف ببيع الخمور وشرائها من الحرام ، وهو محرم حرمة تشريعية ، وتترتب عليها أحكام فقهية. يقول الشيخ الأنصاري ( ت : ١٢٨١ ه ).
« يحرم التكسب بالخمر مسكر مائع إجماعاً نصاً وفتوى » (١). ويقول السيد السيستاني مدّ ظله العالي : « لا يجوز التكسب بالخمر ، وباقي المسكرات المائعة ... ولا فرق بين أنواع التكسب من البيع والشراء وجعلها ثمناً في البيع ، وأجرة في الإجارة ، وعوضاً عن العمل في الجعالة ، وغير ذلك من أنحاء المعاوضة عليها ، وفي حكم ذلك جعلها مهراً في
__________________
(١) الأنصاري ، المكاسب : ١ / ١١٦.