لقوم لوط قال تعالى : ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ (٨٤) ) (١). وكان العبد الصالح شعيب يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويذكرهم بأنعم الله المتواترة عليهم ، وبما منّ عليهم من خيرات فكذبوه : ( الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الخَاسِرِينَ (٩٢) ) (٢).
هؤلاء الأنبياء قصصت عليك نبأهم مع أقوامهم من خلال مرور سريع في سورة الأعراف وحدها ، لأن البحث مبنيٌّ على سبيل الاشارة والنموذج والمثال ، والاطالة تعني الخروج من أصول البحث.
وما زالت البشرية تتمتع بنعم الله الطائلة ، وتتقلب في ألطافه العميمة ، وهي تكذب بآيات الله ، وتجحد آلاء الله فيمسهم العذاب الأليم ، حتى أنعم الله على الانسانية بالرسالة الحنيفية الغراء على يد إبراهيم الخليل وكان الكلدانيون وسواهم عبدة أصنام وسدنة أوثان وحضنة تماثيل ، فدعاهم إلى عبادة الله وتوحيده ، فأبوا واستكبروا ، وظلوا على أوثانهم عاكفين ، فأقسم إبراهيم أن سيكيدها : ( وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) ) (٣) ، وهكذا كان فقد هجم عليها وهم في منأى عنه وعنها : ( فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) ) (٤). وأحيطوا به خبراً ، وجاء يهرعون إليه ، بعد أن نذروا به : ( قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (٦٠) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (٦٢) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (٦٣) ) (٥).
وسقط في أيديهم ، وألزمهم الحجة ، وأحرجهم بداهة ، فلا نطق ولا جواب ولا تفكير للأصنام ، ولجأوا إلى منطق القوة والجبروت والطغيان :
__________________
(١) الأعراف : ٨٤.
(٢) الأعراف : ٩٢.
(٣) الأنبياء : ٥٧.
(٤) الأنبياء : ٥٨.
(٥) الأنبياء : ٥٩ ـ ٦٣.