الاعجاز الاجتماعي في جملة التغيير الجذري للأعراف والتقاليد والمخلفات.
٧ ـ الإعجاز البياني : ويتمثل بالتركيبة الخاصة المتميزة لألفاظ القرآن ومعانيه ، وفي مجموعة العلاقات المجازية والاستعارية والتشبيهية والكنائية والرمزية والايحائية بين المعاني والألفاظ ، وذلك السر الأكبر في إعجاز القرآن ، فالعرب أمة بيان ، ورجال بلاغة ، تطربهم الكلمة ، وتهزهم الخطبة ، ويستهويهم الشعر ، وقد وقفوا عند بلاغة القرآن باهتين بما عبر عنه الوليد ( والله لقد سمعت من محمد كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر ) (١).
والحديث عن الاعجاز البياني مستفيض ينهض بعمل مثقل مستقل ، ويكفي في عظمته أن الإمام علياً عليهالسلام من أوائل رواده في الافادة والاستفادة ، وأن ما ورد في نهج البلاغة كان إمتداداً طبيعياً للاعجاز البياني في القرآن لتأثر الامام في القرآن وهذا المنهج مدين إلى علماء الاعجاز كعلي بن عيسى الرماني ( ت : ٣٨٦ ) (٢) وحمد بن سليمان الخطابي ( ت : ٣٨٨ ) (٣) والشريف الرضي ( ت : ٤٠٦ ) (٤) وعبد القاهر الجرجاني ( ت : ٤٧١ ه ) (٥) حتى تسلمه جار الله الزمخشري ( ت : ٥٣٨ ه ) فجعل تفسيره الكشاف مضماراً للاعجاز البياني ، وفتح فيه عمق دراسة جديدة في البلاغة القرآنية التطبيقية التي إعتمدت التسلسل المصحفي ، إذ فسر القرآن كاملاً ناظراً فيه الوجوه البيانية ، ومستلهماً المناخ الفني حتى عاد تفسيره كنزاً بيانياً لا تنتهي فرائده ، وقد تجلى فيه ما أضافه من دلالات جمالية في نظم
__________________
(١) القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن : ١٩ / ٧٢.
(٢) ظ : النكث في إعجاز القرآن.
(٣) ظ : بيان القرآن.
(٤) ظ : تلخيص البيان في مجازات القرآن.
(٥) ظ : أسرار البلاغة ودلائل الاعجاز.