في مقام التفصيل ، والتعليل ليس هذا موقعه.
٦ ـ ولك أن تعجب كل العجب لترى القرآن يجعل أهم شعيرة من شعائره وهو الحج ، والبيت الحرام وهو أول بيت وضع للناس ، والأذان إلى الحج كل أولئك للناس كافة لا للمسلمين وحدهم قال تعالى : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران / ٩٧. والحج كما يجب على المسلمين ، فإنه واجب على الكافرين ، إلا أن الكافر يجب عليه الحج ولا يصح منه لا شتراط الايمان في الأداء ، وقال تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا ) البقرة / ١٢٥. وقال تعالى : ( وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ ) التوبة / ٣.
ثـالثاً : وتتأكد عالمية القرآن في اطار إهتماماته القصوى بالانسان ، فهو يتابعه ويلاحقه منذ خلقته وتكوينه وولادته حتى حياته ومعاشه إلى حين وفاته ومدفنه ونشره وحشره وعاقبته ، ومعنى هذا أن القرآن ذو عناية خاصة بمسيرة الكائن الانساني منذ البداية وهو معنيٌّ أيضاً بمصير الانسان الجماعي حتى النهاية.
ففي خلق الانسان وإيجاده خليفة في الأرض ، هناك مدركان بارزان : المدرك الابداعي في التكوين الخلقي من الأرض ، كخلق آدم عليهالسلام ؛ والمدرك الرتيب في الخلق عن طريق التزاوج فالتناسل ، وفي هذه المسافة المتباعدة بين الخلقين قد اختصرت الحقيقة التكوينية كلها.
وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (٧١) ) ص / ٧١. وقال تعالى متحدثاً عما تحقق : ( وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) ) المؤمنون / ١٢. فبين تعالى الأصل في الخلق من الطين ، وهو عنصر أرضي يحمل بين طياته عناصر أرضية أخرى ، فهو مجموعة عناصر تتمثل فيها الأرض بمركباتها ، وهو البداية الابتداعية لهذا الايجاد المتباعد الأطراف في التركيب والتكوين والتأسيس بما يستوعبه هذا الكلي العام من ملايين الجزيئات المعقدة في العدد والكمية والوزن والمدارك جسمياً وعقلياً ونفسياً وتصويراً وتخييلاً وقابليات ومعدات وأجهرةٌ وتجاويف وعصيات وحفيات وأقواس وجينات وخلايا وأعصاب وعضلات ما ظهر من ذلك وما خفي