التي لا يتحقق حصرها ولا تخمينها مسافات ومساحات وأبعاداً. فإذا علمنا أن أقرب نجم منا يبعد حوالي ( ٤١.٨ ) مليون مليون كيلومتر عن الشمس ، فما هو رأيك في أبعد نجم عنا ، وكيف يتم رصد ذلك زمنياً وحسابياً ورياضياً ، لذلك عمدوا إلى قياس ذلك بالسنوات الضوئية ، والمراد بها ما يقطعه الضوء في السنة ، فإذا عرفت أن سرعة الضوء هي ( ٣٠٠ ) ألف كيلومتر في الثانية ، كانت سرعته في السنة ( ٩.٤٦٠ ) مليون مليون كيلومتر. وهي السنة الضوئية.
٣ ـ وحينما يريد القرآن منك أن تتأمل بعض الظواهر الكونية في الرعد والبرق والظلمات والأمواج والسراب والالتماع في المفاوز ، تندفع في ظلاله العجيبة وأنت أكثر إندهاشاً مما ترى ، وأنت أكثر إبتهاجاً فيما تتوصل إليه من المشاهد العالمية المجردة عن الطلاء والتزويق بل هي حقائق هائلة مدركة بالحس والوجدان دون حاجة إلى إستدلال أو برهان أو شواهد قال تعالىٰ : ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) ) البقرة / ١٩ ـ ٢٠.
وهذا المثل القرآني ، وهو في سياق التعبير عن حيرة المنافقين ، يستقطب إستعمال ما هو شائع ومعروف في بقاع الأرض المختلفة وآفاق السماء ، مما يفهمه أهل المعمورة ، ويترصدون مخاوفه وأهواله ، فالمثل هنا عالمي الدلالة غنيٌّ بضمامة التصوير ، ورعب الأضواء الكاشفة والغامضة ، والانهمار الانصبابي للمطر تدفعه ظلمات عاصفة بأصوات الرعد ، وأمواج البرق ، وعصف الرياح ، وظلمة المناخ ، فانحجب الضياء وتلاشى الأمان حتى بالغوا في إدخال أصابعهم في آذانهم نتيجة لاصطكاك الصواعق بأجرام السحاب ، وما يحدثه ذلك من هزات وأصوات ، والله محيط بهم من كل جانب إحاطة تحصى عليهم كل شيء فوق حقيقة الاحاطة الزمانية والمكانية والكتلة وسرعة الضوء ، فأين يذهبون ؟ والبرق يأخذ بأبصارهم ، ويستلب نورها كلمح البصر ، وهم في حيرة وتردد لا يملكون من الأمر