إلى النبي أو السلف الصالح ، فالآية وجزؤها : كالعبارة القرآنية التي تحمل رأياً واحداً ـ يثبته لها ، ثم يذكر منشأ هذا الرأي ، ومصدر ذلك التأويل في رواية متسلسلة السند أو محذوفته ، وإن كان في ذلك عدة آراء فهو يبسطها رأياً رأياً ، ويصوغها تفسيراً تفسيراً ، ثم يعقب على كل رأي بالروايات القائلة به ، ثم يرجح ويوازن ويقارن. هذا هو منهجه الأصل. ولكنك تحده في مسائل الاعراب ، واختلاف القراءات ، وأسباب النزول ، وعدد الآي ، والميزان الصرفي ، والبعد النحوي ، طالما يستند إلى مدرسة الكوفة ، ويحقق القول فيما تقتضيه. والدراسة الاحصائية لترجيحاته اللغوية نحواً وصرفاً ، أو اشتقاقاً ، أو تركيباً تثبت صحة هذه الدعوى ، وهو من عمل المتخصصين بالدراسات النحوية ، وإن كان لا يهمل آراء البصريين بل ويسرد كثيراً منها في حدود بدت لها أضيق دائرة من ريادته في مدرسة الكوفة.
٢ ـ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( ت : ٤٦٠ ه ) في تفسيره المعروف « التبيان في تفسير القرآن » ، وهذا التفسير الكريم قائم على أساس الدفاع عن بيضة الاسلام ، والنضال المستميت عن كلمة التوحيد من أجل توحيد الكلمة ، لذلك جعله مقارناً بين كل المذاهب الاسلامية وأهل الكلام فهو عارض بأمانة ، ومقرّب بصدق ، وموضوعي بحق ، وقد يرجح رأى الامامية باعتباره مرجعها الاعلى آنذاك ، ولكنه لا يقدح برأي صادر عن مسلم قط ، بل يورده وإن لم يمثل وجهة نظره ، عسى أن يستفيد به غيره ، وهذا معنى الغيرة والحمية الصادقة على العروبة والاسلام.
وطريقة الشيخ الطوسي في تفسيره طريقة الطبري في الرواية ، ولكنه يؤكد مباحث الاعراب والنحو والحجة واللغة ، ويضيف أسباب النزول وعدد الآي وتأريختها مدنية أو مكية ، كما يتناول القراءات ويناقش مصادرها ، وفي خلال ذلك تلمس المدرسة الكوفية متمثلة بشخصيته الأخاذة ، وإن ذكر جملة من آراء المدرسة البصرية.
هذا التفسير ـ من خلال وجهة نظري القاصر ـ تفسير جامع مانع كما