وتحذيرهم ، وارشادهم عن غيهم ، ووازنهم بسواهم من الصالحين والمسالمين والبررة.
هذا الحشد الهائل من المفردات يتسع لأكثر من بحث موضوعي ، وهنا نستطيع أن نلمس فيه صورة متميزة أخاذة للاسلوب النفسي الذي اعتمده القرآن العظيم لمكافحة الجريمة من خلال التأثر والتأثير في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والاصلاح.
الاجرام كما يصوره لنا القرآن الكريم ذو ظاهرتين :
الأولى : الاجرام الفردي وهو الذي يتحدث به عن المجرم ذاته ، ويراد به كل جنس المجرم أنّى كان جرمه ، ويمثله قوله تعالى :
أ ـ ( يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) ) (١).
ب ـ ( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَىٰ (٧٤) ) (٢). وقد يبرز الاجرام الفردي في هذا الملحظ مزعوماً ، دون جريمة كقوله تعالى : ( قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ ) (٣). فليس هناك افتراء ، وليس هناك اجرام ، ولو ثبت الافتراء افتراضاً لتحقق الاجرام ، ولو تحقق الاجرام ، فلا تؤخذون بجرمي ولا أؤخذ بجرمكم ، وفيه تأكيد على اجرام الكافرين فيما يبدو.
الظاهرة الثانية : الاجرام الجماعي ، وهو الذي يتحدث به القرآن عن الجماعات المجرمة في مقارفتها الجريمة ومعايشتها ، ويمثله قوله تعالى :
أ ـ ( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ) (٤).
ب ـ ( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) ) (٥).
__________________
(١) المعارج : ١٦.
(٢) طه : ٧٤.
(٣) هود : ٣٥.
(٤) الانعام : ١٢٤.
(٥) المطففين : ٢٩.