ج ـ ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ) (١).
بعد تشخيص هاتين الظاهرتين نجد القرآن متحدياً عن سمات المجرمين وأوصافهم في كل من النشأتين الحياة الأولى ، والحياة الآخرة.
وتبدأ مشخصات الجريمة في القرآن بالقتل المتعمد ، وبقطع الطريق ، وبالسرقة ، وبالزنا ، وكبائر المحرمات ، وأحاول فيما يلي القاء الضوء على بعض هذه المفردات ، ومعالجتها في القرآن نفسياً ، دون الدخول في التفصيلات المضنية.
١ ـ القتل : يعتبر القتل من أبشع الجرائم في القوانين السماوية ، وهو كذلك في القوانين الوضعية ، وقد حدد الله تعالى هذا المعلم بأسبابه ودوافعه ونتائجه ، وهو نوعان : قتل العمد ، وقتل الخطأ ، ولهما في الشريعة الاسلامية حدود في القصاص والديات ، ولا يتعلق حديثنا لمثل هذه الحدود وإنما بالمشخصات الجرمية فحسب.
أ ـ قال تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (٣٣) ) (٢).
فقد حددت هذه الآية عدة معالم لحالة القتل :
الأولى : عدم جواز قتل النفس التي حرم الله الا بالحق.
الثانية : من قتل مظلوماً فلوليه الحق بالقصاص.
الثالثة : الاكتفاء في المقاصة الشرعية عن الاسراف.
وقد كرّر تعالى الملحظ الأولى في آية أخرى فقال : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٣).
ب ـ وفيما اقتص الله تعالى من خير ابني آدم حددت معالم أخرى لجواز القتل وحرمته مع الارشاد الموحي ، قال تعالى :
__________________
(١) الانعام : ١٢٣.
(٢) الإسراء : ٣٣.
(٣) الأنعام : ١٥١.