الفصل الثاني
دوره في الحياة الفكرية
شيوخه وإجازاته العلمية :
أخذ السويدي العلم عن عدد كبير من العلماء والشيوخ من الذين التقى بهم في بغداد والموصل ومدن بلاد الشام والحرمين الشريفين ، ونال منهم إجازات عديدة بمروياتهم ومعارفهم ، كما أجاز ـ هو ـ عددا كبيرا آخر من تلامذته. فأعاد بذلك الحياة إلى كثير من العلوم والمعارف التي كادت أن تندرس في العراق نتيجة ما توالى عليه من كوارث ومحن. ووصل تلامذته في العراق بأهم أسانيد الرواية المتسلسلة لدى العلماء الآخرين من المعاصرين في خارجه ، بعد أن كانت هذه الأسانيد تنقطع عند بلوغها حدا معينا من الرواة فلا تتجاوزه لقلة العلماء في العراق في القرون التي سبقت القرن الحادي عشر للهجرة (١٧ م) وتبعثر جهودهم العلمية. ومن ناحية أخرى ، فإنه أسهم ـ إسهاما جادا ـ في تجديد الحياة الثقافية في العراق وفي توجيهها عن طريق إثارة اهتمام طلبته ـ وهم كثر ـ بالمصنفات المهمة ، التي وضعها علماء الأمة في عصور خلت ، ثم عزّت نسخها ، أو فقدت في عصور الفوضى التالية.
ولا نشك في أن لرحلته الطويلة وإقامته ، خلالها ، في مدن عربية عديدة ، وأخذه من علمائها ، وروايته عنهم الكتب والرسائل ، أثرا كبيرا في نقله مصنفات مهمة ، ما كانت لتعرف في بغداد لولا جهوده تلك ، ولا أدل على ذلك من أنه كان أول بغدادي في عصره أحيا علمين كانا قد أوشكا على الاندثار بين علماء مدينته ، وهما الحكمة ، ويعني بها الكيمياء غالبا ، والهيئة ، أي الفلك. وقد درسهما في الموصل على بعض من تبقى هناك من