أجنبيين ، أحدهما في ترجمتي اقتداء بعلماء الحديث ، كالجلال الحافظ عبد الرحمن السيوطي رحمهالله ، ولما سمعته من لفظ شيخنا العالم النحرير ، والجهبذ الشهير تذكرة السلف ، وعمدة الخلف ، زين الملة والدين ، الشيخ حسين نوح الحديثي الحنفي (١) تغمّده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته. ونوح هذا عمّه فنسب إليه ، وكفله ورباه فعرف به. وكان نوح المذكور من العلماء العاملين ، والنساك الصالحين ، (٢ أ) إنه قال ما معناه : إن الحج وأعماله كناية عن الموت وما بعده ، فتأهّبه وإيصاؤه كناية عن احتضاره ، وخروجه من بيته كناية عن موته ، وخروج أحبابه لوداعه كناية عن تشييع جنازته ، وغسله للإحرام كناية عن تغسيله بعد موته ، ولبسه الإزار كناية عن تكفينه ، ووقوفه بعرفة كناية عن موقفه للحساب ، ونفره من عرفة كناية عن انقضاء حسابه ، إلى آخر ما ذكره ، تغمده الله تعالى برحمته.
(٢) وثانيهما في السبب الظاهري الذي أوجب هذه الرحلة ، ودعا إلى هذه النقلة.
في الترجمة
وذلك لأن الحج ـ كما تقدم ـ كناية عن الموت ، وهو الرحلة الحقيقية ، فناسب ذكر ترجمتنا وما وقع لنا في هذه الدار الفانية مما يليق أن يذكر على وجه مختصر قريب من المجمل ، لأنه يتعذر الإحاطة بالمفصل. فأقول وأنا الفقير الجاني ، أبو البركات عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين السويدي : عرفت بالسويدي ، أما تسميتي بعبد الله فهي وقعت ثانيا في الغرض ، لما حدثتني به أمي ـ رحمها الله تعالى ـ أنها قالت : سمّاك أبوك يحيى باسم عمّ لك توفّي قبيل ولادتك ، وكنت أكره أن تسمّى بذلك تطيرا وتشاؤما ، حيث إن صاحب هذا الاسم ، وهو عمك ، لم يعش مدة طويلة ، (٢ ب) فسميت بمرتضى ، ثم عرض لك مرض شديد بحيث ضعفت وصرت عظاما في جراب ، وأنت طفل رضيع ،
__________________
(١) من كبار علماء بغداد في عصره ، أثنى عليه المؤلف فيما يأتي من رحلته ، وذكر أنه تولى التدريس في المدرسة العمرية سنة ١٠٩٠ ه / ١٦٧٩ م ، وتلقى هو العلم على يديه ، فدرس النحو ، وأتقن على يديه حفظ الأجرومية وشروحها وألفية ابن مالك وشروحها أيضا ، وعددا من كتب النحو المعتبرة. ولم يذكر تاريخ وفاته.
(٢) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناه من ب.