فدخلت بعض نساء الجيران فرأتك على ذلك الضعف ، فقالت : كأنه عبد الله ، تريد بعض مجاورينا ، وكان نحيفا في غاية النحافة ، فغلب عليك هذا الاسم ولزمك ، قلت : والحمد لله على ذلك لأن عبد الله أشرف الأسماء على الإطلاق ، وذلك لأن الله تعالى خاطب نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أشرف المقامات بالعبد ، فقال في مقام الوحي (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) ، (١) وقال في مقام الدعوة (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) ، (٢) وقال في مقام إنزال الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) ، وقال في مقام الاسراء (٣)(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)(٤) الآية ، فلو كان له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اسم أشرف من هذا الاسم لخاطبه به في هذه المقامات الجلية. قال الشاعر :
لا تدعني إلا بيا عبد |
|
فإنه أشرف أسمائي |
ويلي عبد الله في الشرف عبد الرحمن ، فمحمد فأحمد فإبراهيم.
وأما كنيتي بأبي البركات فقد كناني بها أخي الشيخ الفاضل الشيخ محمد بن الصالح الناسك الشيخ حسين المعروف بابن الغلامي الموصلي ، (٥) وذلك (عندما) كنا نقرأ شرح هداية الحكمة للقاضي حسين على حاشية اللاري ، (٦) فجاء (٣ أ) في تلك الحاشية :
__________________
(١) النجم ١٠.
(٢) الجن ١٩
(٣) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس في أفأكملناه من ب.
(٤) الإسراء الآية ١
(٥) أديب نحوي ، من آل الغلامي الأسرة الموصلية المعروفة ، التي يرتقي نسبها إلى بني نجمة من زبيد ، له تخميس همزية البوصيري ، قدّمه لوالي الموصل الوزير محمد أمين باشا بن الحاج حسين باشا الجليلي (نشره محمد رؤوف الغلامي سنة ١٩٤٠) ، وهو غير معاصره الشيخ محمد بن مصطفى الغلامي صاحب كتاب (شمامة العنبر) المتوفّى سنة ١١٨٦ ه / ١٧٧٢ م.
(٦) هداية الحكمة كتاب جمع فيه مؤلفه أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري (حدود ٦٦٠ ه) بين المنطق والطبيعي والإلهي ، وشرحه للقاضي مير حسين بن معين الدين الميبدي الحسيني (توفي سنة ٩٠٤ ه) ، وعلى هذا الشرح حاشية لمصلح الدين محمد بن صلاح اللاري (توفي سنة ٩٧٧).