تزعمته قبائل كلاب في الشمال ، وكانت كلب قبائل يمانية الأصل ، وكلاب عدنانية ، وفي معركة مرج راهط انتصرت كلب على كلاب ، وأعيد تأسيس الحكم الأموي ، بزعامة الفرع المرواني ، لكن الشام انقسمت بشكل فعلي إلى دارين : دار في الجنوب لكلب ومن لف لفها ودار في الشمال لكلاب ومن قاربها بالنسب ، وفصل بين هاتين الدارين خط عرضاني وهمي انطلق شرقا وغربا من بلدة الرستن على العاصي.
وعندما دب الضعف في قلب الخلافة العباسية كانت الأجزاء الشمالية من بلاد الشام بزعامة حلب ، من أقدم البلدان التي أعلنت انفصالها ، وقامت فيها دولة مستقلة هي الدولة الحمدانية بزعامة سيف الدولة الحمداني.
ومن حلب حاول سيف الدولة مدّ سلطانه إلى الأجزاء الجنوبية من الشام ، فدخل دمشق ، لكنه لم يتمكن من الاحتفاظ بها ، فقبل استقلال حلب ، كانت مصر الإسلامية قد استقلت عن جسم الدولة العباسية ، وقامت فيها الدولة الطولونية ، ومارست الدولة الطولونية السياسة الخارجية التقليدية لمصر المستقلة بمحاولة إلحاق الشام بها والسيطرة عليها ، وقد نجحت ـ مع الدول التي تلتها في حكم مصر ـ في الاحتفاظ بالجزء الجنوبي من الشام ، وأخفقت في البقاء في الشمال.
وفي حلب أقام سيف الدولة بلاطا حاكى فيه بلاط بغداد ، وحوى هذا البلاط عددا كبيرا من العلماء في كل فن مع الشعراء والأدباء ، وشهدت الشام بشكل عام نشاطا ثقافيا كبيرا ومتميزا ، حيث عبر عن دور الشخصية الشامية العربية ، وعبرت كل من حلب ودمشق عن شخصيتها بالاتجاه نحو إنتاج تواريخ محلية ، وبالفعل جاء إلى الوجود عدد من المؤرخين منهم من عاش في المعرة أو مدينة حلب فأرخ لمدينة حلب والجزء الشمالي من البلاد مع مناطق الجزيرة ، ومنهم من عاش في دمشق أو اهتم بها ، فكتب في تاريخها إنما مع التعلق بالديار المصرية