بابن القلانسي التميمي الأديب الشاعر ، المؤرخ ، كان من أعيان دمشق ومن أفاضلها المبرزين ، ولي رئاسة ديوانها مرتين ، وبها توفي سنة خمس وخمسين ، وله تاريخ للحوادث ، ابتدأ به من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة إلى حين وفاته ، وكانت له عناية بالحديث ، وله كتب عليها سماعه».
وقد أورد كل من ابن عساكر وياقوت نماذج من شعر من ابن القلانسي ، لكنهما وإن ذكرا تاريخ وفاته ، لم يحددا تاريخ مولده أو سنّه حين الوفاة ، وقد تولى الذهبي ذلك فبين أنه جاوز الثمانين أثناء وفاته وكان دون التسعين ، وعن الذهبي نقل كل من أبي المحاسن في النجوم الزاهرة واليافعي في مرآة الجنان.
وجرت العادة لدى كثير من الأوائل الإشارة إلى أنفسهم في مصنفاتهم ، حيث يمكن في أيامنا استخراج المعلومات من هذه الإشارات ، وفيما يختص بابن القلانسي لم يشر إلى نفسه قط في مصنفه أو تحدث عن دور من أدواره سيما وأنه كان من كبار رجالات الدولة في دمشق ، نعم هناك إشارات غير مباشرة إلى بعض مواقفه السياسية وتذوقه للأدب ، فهو قد ضمن كتابه عدة قصائد من نظمه ، كما أثبت بعض نصوص الوثائق الديوانية الواردة إلى دمشق لإعجابه بصياغتها.
ولئن انعدمت إشاراته لنفسه فهناك بعض الإشارات لأفراد من أسرته ، من ذلك أنه ذكر في حوادث سنة ٥٣٩ : «وفي يوم السبت الثالث عشر من رجب من السنة ، توفي الأخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أسد ابن علي بن محمد التميمي عن أربع وثمانين سنة ، بعلة الذرب ، ودفن بتربة اقتراحها خارج باب الصغير من دمشق ، وكان على الطريقة المرضية من حسن الأمانة والتصون والديانة ، ولزوم داره ، والتنزه عن كل ما يوتغ الدين ، ويكره بين خيار المسلمين ، غير مكاثر للناس ، ولا معاشر لهم ، ولا مختلط بهم».