العالية واهتمامه بالحديث ، فإنها لم تذكر اسم واحد من أساتذته ولا من تأثر بهم ثقافيا ، ولا عن سلوكه ونشاطاته وصفاته الخلقية ، وغير ذلك من الأمور التي بودنا لو عرفناها.
ومهما يكن الحال فإن كتابه في التاريخ وعمله في ديوان «الإنشاء» بمثابة رئيس له تدل على علو ثقافته وتمكنه من ناصية اللغة ، ومن المفيد هنا أن نشير إلى أنه وإن شابه أهل عصر في اهتمامه بالصنعة والمترادفات ، إلا أنه لم يسرف في ذلك كما أسرف العماد الأصفهاني وسواه ، ولا شك أن رئاسته للديوان جعلته وسط أخبار الوقائع والأحداث مع شيء من المشاركة ، ومكنته من الإطلاع على الوثائق الرسمية على مختلف أنواعها سيما وأنه تسلم ديوان الحساب [الخراج] لمدة من الزمن ، جامعا بينه وبين ديوان الإنشاء [الرسائل].
ومرّ بنا قول ابن عساكر ثم ياقوت أنه بدأ مصنفه في التاريخ بحوادث ما بعد سنة أربعين ، أو إحدى وأربعين حسب تحديد ياقوت ، وهذا التحديد فيه شيء من الوهم ، لعل مرده إلى النساخ ، فابن القلانسي بدأ كتابه بحوادث سنة / ٤٤٨ / وصرح بأنه صنع «مذيلا» ، وفي العادة قد «يبنى المذيل» على ذيل ، والذيل يأتي بمثابة ملحق بكتاب أساسي.
ونعود الآن إلى ما سلف ذكره عن ثابت بن سنان وهلال بن المحسن ، فثابت كتب كتابا للتاريخ كان كبيرا ذيل به تاريخ الطبري ، وكتب كتابا آخر أصغر أوقفه على مصر والشام ووقف به مع أحداث سنة / ٣٦٥ ه / وهي سنة وفاته ، وجاء من بعده هلال بن المحسن فكتب ذيلا على تاريخ ثابت تداخلت بعض سنيه ، حيث بدأه بحوادث سنة / ٣٦٠ / ووقف به حتى نهاية سنة / ٤٤٧ / ، وهذا يعني أنه ذيل على التاريخ الكبير ، فهل يا ترى ذيل أيضا على تاريخ مصر والشام ، وتداخلت المواد هنا وتكررت ، ومن ثم ذيل عليها ابن القلانسي؟