ذكر ولاية ظالم بن موهوب (١) العقيلي لدمشق
في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة من قبل المعز لدين الله
وصل القائد ظالم بن موهوب العقيلي إلى دمشق واليا عليها في يوم السبت لعشر خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة عقيب نوبة القرمطي ، فدخلها وتمكن أمره في ولايتها وتأثلت حاله في إيالتها ، وتوفرت عدته وعدته ، واشتدت شوكته لا سيما عند قبضه على أبي المنجا وولده صاحبي القرمطي مع جماعة وافرة من أصحابهما ، وحبسهم وأخذ أموالهم واستغرق أحوالهم.
واتفق أن أبا محمود مقدم العسكر المصري المقدم ذكره وصل إلى دمشق في يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شهر رمضان من السنة ، ونزل بالشماسية (٢) ، فخرج ظالم متلقيا له ومستبشرا به ، ومبتهجا بنزوله ، ومستأنسا بحلوله لما كان مستشعره من الخوف من عود القرمطي إلى دمشق ونزوله عليها ، ثم أن ظالما أنزل أبا محمود المقدم الدكة المعروفة (٣) ، وحمل إليه أبا المنجا صاحب القرمطي المعتقل المعروف بالنابلسي (٤) الذي كان هرب من الرملة متقربا إليه وإلى المغاربة بذلك ، فجعل كل واحد منهما في قفص من خشب وحملهما إلى مصر ، فلما وصلا إلى المعزّ لدين الله أمر بحبس أبي المنجا وولده وقال للنابلسي : أنت الذي قلت : لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا في الروم؟ فاعترف بذلك ، فأمر بسلخه ، فسلخ وحشي جلده تبنا وصلب.
__________________
(١) هو ابن مرهوب في بعض نقول المقريزي في كتاب المقفى ، ويبدو أن الادارة الفاطمية قد كسبته إلى صفها بعد ما كان إلى جانب القرامطة ، لتفتت القوى المساندة للقرامطة ولتستفيد من قوى عقيل في الشام الجنوبي ضد القرامطة والقوى المحلية.
(٢) عند مسجد القدم ، كان المأمون أقام بها مرصدا فلكيا ، وفي ياقوت أنها محلة من دمشق. انظر الأعلاق الخطيرة ـ قسم دمشق. ط. دمشق ١٩٥٦ ص : ١٢٦ ، غوطة دمشق ص : ٢٣٦.
(٣) موضع بظاهر دمشق فوق نهر يزيد ، يعرف الآن باسم الدواسة ، غوطة دمشق ص : ٢٣٢.
(٤) أبو بكر النابلسي ، وصفه القاضي عبد الجبار الهمذاني برئيس فقهاء الشام.
أنظر أخبار القرامطة : ١٩٠.