ولما نزل القائد أبو محمود المقدّم على دمشق في عسكره اضطرب الناس وقلقوا ، وامتدت أيدي المغاربة في العيث والفساد في نواحي البلد ، وأخذ من يصادف في الطرقات والمسالك وكان صاحب الشرطة بعد القبض على أبي المنجّا قد أخذ انسانا وقتله ، فظهر الغوغاء وحملة السلاح ، وقتلوا أصحاب المسالح ، وكثر من يطلب الفتن من العوام ، وطمعت المغاربة في نهب القرى وأخذ القوافل ظاهر البلد ، ولم يتمكن القائد أبو محمود المقدم من ضبط أصحابه لأنه لم يكن معه مال ينفقه ، فيهم ، ولم (٨ و) يقبلوا أمره ولا امتثلوا زجره ،
وكان ظالم يأخذ مال السلطان الذي يستخرج من البلد ، وقد عرف ظالم أن الرعية تكره المغاربة [فكثر] في [البلد](١) الفساد وقطع الطريق على الصدّار والورّاد ، وامتنع السفار من المجيء والذهاب ، وعدلوا في ذلك عن نهج الصواب ، ونزح أهل القرى منها إلى البلد ، وخلت من أهلها واستوحش ظاهر البلد وباطنه.
فلما كان يوم الخميس النصف من شوال من السنة جاء قوم من العسكرية ينهب القصّارين من ناحية الميدان (٢) فكثر الصائح في البلد ، وخرج الناس بالسلاح ، وثارت الأحداث ، وخرج أصحاب ظالم ووقع القتال ، وظالم يظهر أنه يريد الصلاح والدفع عن البلد ، ولم يكاشف في الأمر (٣) ، ووجد الناس حجة للمقال والشكوى لما يجري عليهم ، فلما كان في بعض الأيام خرج قوم من المغاربة يطلبون الطرق فظفروا برفقة قافلة في طريق الحرجلة (٤) قد أقبلت من حوران ، فأخذوها وقتلوا منها
__________________
(١) من المقدر أن سقطا قد وقع هنا ، وأضيف ما بين الحواصر كيما يستقيم المعنى.
(٢) كان في دمشق أربعة ميادين : ميدان الحصا ، وميدان الشرف الأعلى ، وميدان ابن أتابك ، وميدان القصر. غوطة دمشق : ٩٢.
(٣) أي لم يكاشف أبا محمد العداء. أنظر كتابي أخبار القرامطة : ٦٤.
(٤) تتبع الحرجلة الآن ناحية الكسوة في محافظة دمشق ، وهي إلى الشرق من الكسوة تبعد عنها / ٨ كم / وعن دمشق / ٢٨ كم /. التقسيمات الادارية في الجمهورية العربية السورية ، ط.
دمشق ١٩٦٨ ص ١٣.