إليه (١٠ و) فدخلوا عليه فتوعدهم وأغلظ القول لهم ، وقال : إن لم يفتح هذا الباب وإلا فأنتم مقيمون على الخلاف والعصيان ، فقالوا : أيها القائد لم يسد هذا الباب لعصيان ولا خلاف ، وإنما كان سده بحيث لا يدخل منه أحد من لا يعلمه القائد ويؤثره من أهل الفساد ومن يؤثر إثارة الفتنة والعناد ، فقال : قد أمهلتكم ثلاثة أيام وإن لم يفتح هذا الباب لأركبن إليه ولأحرقنه ولأقتلن كل من أصادفه فيه ، فقالوا : نحن نطيع أمرك ولا نخالفه إذا استصوبت ذلك.
وخرجوا من عنده متحيرين في أمرهم لا يعلمون كيف يسوسون جهلة الناس وأمور السلطان ، فصاروا إلى باب الصغير ، واجتمع إليهم أهل الشره وغيرهم ، وفيهم المعروف بالمارود رأس شطار الأحداث ، وأحاطوا بهم وسألوهم عن حالهم ، فأعادوا عليهم ما سمعوه من القائد أبي محمود بسبب سد الباب ، فقال بعضهم : يفتح ولا يجري مثل ما جرى أولا فنخرب البلد ، وقال قوم من أصحاب السلاح بالضد ، فقالت المشايخ : نحن نفتح هذا الباب وإن جرى أمر مكروه عند دخول المغاربة وغيرهم ، أو ثارت منه فتنة كنتم أنتم أصل ذلك وسببه ، ثم إنهم فتحوه من وقتهم ، فلما شاهد المشايخ ذاك حاروا بين الفريقين ، وقال بعضهم لبعض : ما قال أبو محمود ، وما قال أهل الشره ، وقد فتح الباب بأمركم ، ولسنا نأمن أمرا يكون من المغاربة فتكونوا أنتم السبب فيه ، ففكروا في الخلاص من لائمة الفريقين ، وأعملوا الرأي فيما بينهم ، وقالوا : الصواب أن نأمرهم بسده ، وكان ذلك منهم رأيا سديدا وتدبيرا [سليما](١) وجرى بين رجل من أكابر المغاربة ورجل من أهل الشره منازعة بسبب صبي أراد المغربي أن يغلب عليه ، فرفع البلدي سيفه وضرب المغربي فقتله في سوق (٢) البقل ، فغلظ الأمر واضطرب البلد ،
__________________
(١) فراغ في الأصل ، مقدار كلمة ، ولعل ما وضعته بين حاصرتين يفي بالمعنى.
(٢) أنظر تاريخ دمشق : ٢ / ٦٢. الأعلاق الخطيرة ـ قسم دمشق : ١٠٣.