وغلقت حوانيت الأسواق ، وثار العسكر بسبب المقتول ، فعند ذلك وجدت المشايخ الحجة في سد الباب لهذا الحادث ، وانتهى الخبر إلى القائد أبي محمود ، ففرق السلاح في أصحابه ، وثار أهل البلد وتأهبوا للمحاربة ، وأصبح العسكر منحدرا يريد باب الصغير ، (١٠ ظ) وكان عندهم العلم بتفريق السلاح ، والاستعداد للحرب ، فتيقظ الناس ، فاحترزوا إلى حين ارتفع النهار ، وفتح الناس حوانيتهم وكان المعروف بابن المارود رأس الأحداث قد عرف هو وأصحابه أن قصد العسكر باب الصغير لأجلهم (١) ، وصاح الناس «النفير» ، وارتفعت الأصوات وتقدمت الرجالة ، وانتشروا في سوق الدواب (٢) وعبروا الجسر وطرحوا النار في الطاحون قبلي الجسر ، وانتشروا في الطريق والمقابر يشاهدون النار في دور عند مسجد الخضر ، وامتدت الأحداث والرعية في المقابر ووقع «النفير» في الأسواق ، وكانوا في غفلة ، فصاح فيهم صايح : أما يستيقظ من هو غافل ، أما ينتبه من هو راقد ، فغلقت حوانيت الأسواق وأضحى الناس من استشعار البلاء على ساق [وقدم](٣) ونزل القائد أبو محمود في محراب المصلى وكانت رجالته منتشرة في المقابر ، فاجتمعت مشايخ البلد إلى القائد أبي محمود من باب الجابية ، والمحاربة على باب الصغير ، وكان فيهم الشريف أبو القاسم أحمد بن أبي هشام العقيقي العلوي ، فقال له : الله الله أيها القائد في الحرم والأطفال وأتقياء الرجال ، ولم يزل يخضع له ويلطف به إلى أن أمسك بعد سؤال متردد ، وعاد منكفئا بعسكره إلى مخيمه بالدكة في يوم الأربعاء لست مضين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وكف عن القتال ، ودخل صاحب النظر إلى البلد ، وانتشر الفساد في سائر
__________________
(١) يستخلص من هذا الخبر وأخبار أخرى سيوردها ابن القلانسي حول الأحداث أن منطقة الباب الصغير كانت أشبه بقاعدة تجمع لقوى أحداث دمشق أو بمثاية ثكنة لهم.
(٢) أنظر الأعلاق الخطيرة ـ قسم دمشق : ١٥٥.
(٣) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.