الليلة ، ولما كان سحر يوم الأربعاء الرابع والعشرين منه ، ركب الأمراء والأكابر إلى القلعة على عادتهم ، وليس عندهم خبر مما جرى ، ولم يركب الفائزي في ذلك اليوم ، وتحيرت شجر الدر فيما تفعل ، فأرسلت إلى الملك المنصور نور الدين علي بن الملك المعز تقول له عن أبيه أنه ينزل إلى البحر في جمع من الأمراء لإصلاح الشواني التي تجهزت ، للمضي إلى دمياط ، ففعل وقصدت بذلك أن يقل من على الباب لتتمكن مما تريد ، فلم يتم مرادها.
ولما تعالى النهار شاع الخبر بقتل الملك المعز ، واضطربت الناس في البلد واختلفت أقاويلهم ، ولم يقفوا على حقيقة الأمر ، وركب العسكر إلى جهة القلعة وأحدقوا بها ، ودخلها مماليك الملك المعز والأمير بهاء الدين بغدي الأشرفي مقدم الحلقة ، وطمع الأمير عز الدين الحلبي في التقدم ، وساعده على ذلك جماعة من الأمراء الصالحية ، فلم يتم لهم مرادهم ، ثم استحضر الذين في القلعة الوزير شرف الدين الفائزي ، واتفقوا على تمليك الملك المنصور نور الدين علي بن الملك المعز ، وعمره يومئذ نحو خمس عشرة سنة ، فرتبوه في الملك ، ونودي في البلد بشعاره ، وسكن الناس ، وتفرقت الأمراء الصالحية إلى دورهم ، ولما كان يوم الخميس خامس وعشرين الشهر ، وقع في البلد خبط عظيم ، وركب العسكر إلى القلعة ، واتفق رأي الذين في القلعة على نصب الأمير علم الدين سنجر الحلبي المعروف بالمشد أتابكا للملك المنصور ، واستحلفوا العسكر له ، وحلف له الأمراء الصالجية على كره من أكثرهم ، وامتنع الأمير عز الدين الحلبي ، ثم خاف على نفسه فحلف وانتظمت الأمور.
وفي يوم الجمعة سادس وعشرين منه خطب للملك المنصور بمصر والقاهرة ، وأما شجر الدر فامتنعت بدار السلطنة هي والذين قتلوا الملك المعز ، وطلب مماليك المعز هجوم الدار عليهم فحالت الأمراء الصالحية بينهم وبين ذلك ، فأمنها مماليك المعز ، وحلفوا لها أنهم