وغدا بايجونوين ومن معه ، وبذل السيف في بغداد ، فقتل كل من ظهر ، ولم يسلم إلا من اختفى ، وقتل من كان في دار الخلافة من الأشراف ، ولم يسلم منها إلّا من هرب ، أو كان صغيرا فإنه أخذ أسيرا ، واستمر القتل والنهب نحو أربعين يوما ، ثم نودي بالأمان فظهر من كان اختفى ، وقتل سائر الذين خرجوا إلى هولاكو من القضاة والأكابر والمدرسين وأما الوزير ابن العلقمي فلم يتم له ما أراد ، ومات بعد مدة يسيرة ، ولقّاه الله تعالى ما فعله بالمسلمين ، ورأى قبل موته في نفسه العبر والهوان ، والذل ما لا يعبر عنه ، ثم ضرب هولاكو عنق بايجونوين لأنه قيل عنه أنه كاتب الخليفة وهو في الجانب الغربي ، وأما الخليفة فقتل ، ولكن لم يتحقق كيفية قتلته ، فقيل : إنه خنق ، وقيل رفس إلى أن مات ، وقيل غرق ، وقيل لف في بساط ففطس ، والله أعلم بحقيقة الحال.
ونعود إلى أخبار الشام ومصر : كنا ذكرنا أن العساكر المصرية نزلوا حول العباسة لما بلغهم اجتماع البحرية ، وبعض أمراء مصر مع الملك المغيث ، ولما جاءهم الخبر بمحاصرة التتر لبغداد ، كتبوا بذلك إلى الديار المصرية ، وتقدموا بأن بدعى للمسلمين بالنصر ، فأمر الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمهالله الأئمة والخطباء أن يقنتوا في الصلوات الخمس ، ثم ورد الخبر أن بغداد ملكت ، فاشتد أسف المسلمين ، وحزنهم.
ذكر الوقعة بين الملك المغيث وعسكر مصر
لما تكامل العسكر مع الملك المغيث دخل بهم إلى الرمل ، والتقى بعسكر المصريين ، فكانت الكسرة على المغيث ومن معه ، وقبض يومئذ على عز الدين أيبك الرومي ، وعز الدين أيبك الحموي الكبير ، وركن الدين الصرفي ، وابن أطلس خان الخوارزمي ، وأحضروا بين يدي الأمير سيف الدين قطز والأمير الغتمي والأمير بهادر المعزي ، فأمروا بضرب أعناقهم فضربت وحملت رؤوسهم إلى القاهرة وعلقت بباب زويلة ، ثم