أنزلت من يومها ودفنت لما أنكر على المعزية هذا الفعل الشنيع ، وهرب الملك المغيث والصوابي بدر الدين ، والأمير ركن الدين بيبرس البندقداري ومن معهم ، ووصلوا الكرك في أسوأ حال ، ونهب ما كان معهم من الثقل ودهليز الملك المغيث ، ودخل العسكر القاهرة بما حازوه ، وزين لذلك البلدان ، وكان المصاف يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الآخر.
ذكر ما تجدد للتتر بعد أخذ بغداد
لما ملكوها نادوا بالأمان لأهل العراق كلهم ، وولوا فيه ولاتهم ، وكان الوزير ابن العلقمي قد أطمعته نفسه بأن الأمور تكون مفوضة إليه ، وكان قد عزم على أن يحسن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة فاطميا ، فلم يتم له ذلك ، واطرحه التتر ، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان فمات بعد قرب كمدا ، وندم حيث لا ينفعه الندم ، ولقاه الله فعله ، ورحل التتر عن بغداد إلى بلاد أذربيجان ، ثم رحل إليهم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، والشريف تاج الدين ابن موصلايا صاحب إربل ، فأكرم بدر الدين ورده إلى بلاده ، وأما ابن موصلايا فقتل ، وقد ذكر والله أعلم ، أن بدر الدين لؤلؤ قال لهولاكو : هذا شريف علوي ، وربما تطاول أن يكون خليفة ، ويبايعه على ذلك خلق عظيم ، فتقدم هولاكو بقتله ولما رجع بدر الدين إلى الموصل لم يطل مقامه بها وتوفي.
وفيها قصد التتر ميافارقين فنازلوها وحصروها ، وكان المتولي لحصرها أشموط بن هولاكو ، وكان صاحبها الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك المظفر شهاب الدين غازي بن العادل ، قد قصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف مستنجدا به على التتر ، فوعده بذلك ، ولم يتمكن من إنجاده.
وفيها وردت رسل التتر إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف ، فوصلهم منه جملة كبيرة من المال.