وفيها اشتد الوباء بالشام ، وفني من أهل دمشق خلق لا يحصى ، وعزت الفراريج وغيرها مما يستعمل المرضى ، وبيع الرطل الدمشقي من التمر الهندي بستين درهما ، والحزة من البطيخ الأخضر بدرهم.
ذكر ما تجدد للبحرية بعد كسرتهم بمصر
لما رجعوا مع الملك المغيث مفلولين سير إليهم الملك الناصر جيشا مقدمه الأمير مجير الدين إبراهيم بن أبي بكر زكرى ، والأمير نور الدين علي بن الشجاع الأكتع ، والتقوا بغزة فكسرتهم البحرية وقبضوا على مجير الدين ، ونور الدين وحملوهما إلى الكرك فلم يزالا بها معتقلين إلى أن أخرجهما الملك المغيث ، فسيرهما إلى الملك الناصر لما اصطلحا ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى ، فقوي عند هذه الكسرة أمر البحرية وامتدو في البلاد ، فعند ذلك برز الملك الناصر للقائهم ، وضرب دهليزه قبلي دمشق ، وقرب البحرية من دمشق ، وجاء الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري مقدمهم في بعض الأيام ، وقطع أطناب خيمة الملك الناصر المضروبة ، وكثر الإرجاف بهم في دمشق ...
وفيها توفي :
بكتوت بن عبد الله الأمير سيف الدين العزيزي أستاذ دار الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله ، كان من أكبر الأمراء بالدولة الناصرية ، وله الحرمة الوافرة والمكانة العالية ، والمهابة الشديدة ، ويده مبسوطة ، وأمره نافذ في المملكة ، وبيده الاقطاعات العظيمة ، وله الأموال الجمة ، والخيول والجمال ، والمواشي الكثيرة ، وغير ذلك ظاهر التجمل شجاعا ، حسن السياسة والتدبير ، مليح الصورة بهي الشكل ، وكان مجردا في الجهات التي قبلي دمشق ، فتوفي هناك ، ودخل غلمانه وحاشيته دمشق بالأعلام المنكسة ، والسروج المقلبة على الخيول المهلبة ، ومماليكه قد قطعوا شعورهم ، ولبسوا المسوح السود ، فكانت صورة