مؤلمة مبكية ، ووجد له من الحواصل ما لا يوصف ، وسمعت أنه سم ، وأن الذي تولى ذلك عز الدين عبد العزيز بن وداعة ، وأنه سمه في بطيخة خضراء ، وكان سيف الدين المذكور يحب البطيخ الأخضر ، ويجلب إليه حيث كان ، فاتفق أنني سألت حسام الدين أتش العزي رحمهالله أستاذ دار ابن وداعة ، إذ كان متوليا قلعة بعلبك ، عن ذلك ، فأنكر أن يكون أستاذه فعله ، بل قال : إن الملك الناصر سير أستاذي في بعض المهمات ، فلما اجتاز بالعسكر قصد خدمة الأمير سيف الدين للسلام عليه ، فقال له الأمير سيف الدين : معك بطيخ أخضر؟ قال : فعاد إلى خيمته وجهز له بطيخا أخضر ، وغيره من هدية دمشق ، فأكل من البطيخ ، وأمعن ، واتفق تغير مزاجه ومرضه ووفاته ، فقال الناس ما قالوا ، والله أعلم ، وبالجملة كان الأمير سيف الدين جليل المقدار من أركان الدولة ، ومنذ توفي حصل الخلل ، وتغيرت أحوال الدولة الناصرية رحمهالله تعالى.
الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك ، وهو عمرو ابن محمد بن عبد الله بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن نصر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم ابن محمد بن أبي بكر الصديق ، رضوان الله عليه ، أبو علي صدر الدين القرشي التيمي البكري النيسابوري الأصل ، الدمشقي المولد والمنشأ ، مولده بدمشق بكرة الحادي والعشرين من المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة ، سمع من خلق كثير في بلاد متعددة ، وحصل كثيرا من الكتب وكتب العالي والنازل ، وكان حافظا مغرما بهذا الشأن ، وخرّج تخاريج عدة ، وشرع في جمع ذيل التاريخ الذي بدمشق ، وحصل منه أشياء حسنة ولم يتمه وعدم بعده ، وكان عنده رياسة وفضيلة تامة ، وولي حسبة دمشق وسيّرة الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل إلى الشرق برسالة إلى السلطان جلال الدين خوارزم شاه ملك العجم باطنا ، وأظهر أن توجهه ليحضر ماء من عين بتلك البلاد من خاصية ذلك الماء ،