أنه إذا حمل في قوارير زجاج وحمل على الرماح تبعه نوع من الطير يفني الجراد. وكان قد حصل بالشام جراد كثير لم يعهد مثله ، فتوجه وصحبه جماعة صوفية ، واجتمع بجلال الدين منكبرتي خوارزم شاه ، وقرر معه الاتفاق مع الملك المعظم ، وتعاضد به واستحلفه له ، وكان سبب ذلك أن الملك الكامل ، والملك الأشرف اتفقا على الملك المعظم ، فأراد أن يحصل له من يعتضد به ، وكان السلطان جلال الدين مجاورا لخلاط ، وبلاد الملك الأشرف في الشرق ، فلما أبرم صدر الدين ما توجه بسببه ، أحضر الماء المطلوب على الصورة المقترحة ، وعاد إلى دمشق ، وكان الجراد قد قل ، فلما عاد البكري كثر ، فعمل الناس في ذلك الأشعار ، وظهر للناس ما توجه بسببه في الأمر ، وعلم الملك الكامل ، والملك الأشرف ذلك ، ولما عاد البكري ولاه الملك المعظم مشيخة الشيوخ مضافا إلى الحسبة ، ولهذا صدر الدين خانكاه بدمشق تعرف قيسارية الصرف ، وكانت وفاته في ليلة الإثنين حادي عشر ذي الحجة بالقاهرة ، ودفن من الغد بسفح المقطم ، رحمهالله تعالى ...
داود بن عيسى بن أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شاذي ، أبو المظفر وقيل أبو المفاخر ، الملك الناصر صلاح الدين ابن الملك المعظم شرف الدين ابن الملك العادل سيف الدين ، ولد الملك الناصر المذكور في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة ، ولما ولد سماه الملك المعظم إبراهيم وأخبر والده الملك العادل بذلك ، فقال : أخوك اسمه إبراهيم يشير إلى الملك الفائز ، فقال : ما ترسم أن أسميه؟ فقال : سمه داود ، فسماه فلما حج الملك المعظم في سنة احدى عشرة وستمائة ، واجتاز بالمدينة صلوات الله وسلامه على ساكنها ، تلقاه أمير المدينة وخدمه خدمة بالغة ، وقال له : ياخوند أريد أن أفتح لك الحجرة الشريفة لتزور زيارة خاصة لم ينلها غيرك ، فقال : معاذ الله أن أتهجم وأقدم على هذا ، والله إنني في طرف المسجد ، وأنا وجل من إساءه الأدب فإني أخبر بنفسي ، ومثلي