لا ينبغي له أن يداني هذا المقام الشريف إجلالا له وتعظيما ، فرأى بعض الصلحاء النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام ، وهو يقول له : قل لعيسى : إن الله قد قبل حجه وزيارته ، وغفر له ولأم إبراهيم ، لتأدبه معي واحترامه لي أو ما هذا معناه ، فحضر ذلك الرجل إلى الملك المعظم وقص عليه الرؤيا بمحضر من خواصه ، فبكى الملك المعظم لفرط السرور ، فلما قام من عنده قال : ما أشك في صدق هذه الرؤيا إن شاء الله تعالى ، فقال له خواصه : لكن ما يعرف لك ولد اسمه إبراهيم ، وحكى لهم صورة تسمية الملك الناصر أولا بإبراهيم ، وأنه هو الاسم الذي وقع عليه أولا.
ونشأ الملك الناصر في حياة أبيه ملازما للاشتغال بالعلوم على اختلافها ، وشارك في كثير منها ، وحصل منها طرفا جيدا ، وسمع بالشام والعراق من جماعة منهم محمد بن أحمد القطيعي وغيره ، وكانت له إجازة من أبي الحسن المؤيد بن محمد الطوسي وغيره وحدث ، وسأذكر من أحواله وأخباره وأشعاره وترسله ما يعلم به معظم أمراءه إن شاء الله ، كان الملك المعظم عيسى رحمهالله خلف من الولد عدة بنات ، وثلاثة بنين الملك الناصر أكبرهم ، فملك دمشق وسائر مملكة أبيه في عشر ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة ، واستقل بذلك.
وفي سنة خمس وعشرين وصل عماد الدين بن الشيخ من مصر إلى دمشق ، ومعه ابن جلدك بالخلع والتغايير على الملك الناصر من الملك الكامل.
وفي سنة ست وعشرين خرج الملك الكامل لقصده ، وانتزاع دمشق منه ، فسير الملك الناصر فخر القضاة ابن بصاقة إلى الملك الأشرف يستصرخ به ، فحضر الملك الأشرف إلى دمشق لنصرته ، ونزل في بستانه بالنيرب ، فجرت أمور يطول شرحها ، لأن الملك الأشرف تغير عليه ، ومال إلى الملك الكامل ، وفارق الملك الناصر ، وتوجه إلى الملك الكامل ،