وأوهم الملك الناصر أنه يصلح أمره مع عمه الملك الكامل ، وكان الملك الكامل قد وصل بيسان فلما بلغه وصول الملك الأشرف رجع إلى غزة ، وقال : أنا ما خرجت على أن أقاتل أخي الملك الأشرف ، فلما بلغ ذلك الملك الأشرف قال للملك الناصر داود : الملك الكامل قد رجع حردان ، والمصلحة أنني ألحقه وأسترضيه ، وأقرر القواعد معه.
وأما الملك الكامل فإنه نزل غزة ، وكان الانبروز قد نزل الساحل بمقتضى مراسلة قديمة كانت من الملك الكامل إليه في حياة الملك المعظم ، فلما حضر على تلك القاعدة بجموعه بعد موت المعظم ، سير إلى الملك الكامل وقال له : أنا قد حضرت بقولك ، وعرفت أن غرضك قد فات ، ومعي عساكر عظيمة ، وخلق كثير وما بقي يمكنني الرجوع على غير شيء ، فحدثني حديث العقال حتى أرجع إلى بلادي ، فقال الملك الكامل : إيش تريد؟ قال : تعطينا القدس ، وترددت المراسلات بينهما أشهرا فاقتضى رأي الملك الكامل تسليم القدس دون عمله ، وحصل الرضا بذلك ، فلما تردد الفرنج للزيارة اغتيل منهم في الطريق من انفرد ، فشكوا ذلك إلى الملك الكامل فأعطاهم القرايا التي على طريقهم من عكا إلى القدس ، ووقع الصلح والاتفاق على ذلك ، وحضر بعد إبرام الصلح مع الفرنج على هذه القاعدة لحصار دمشق ، فحصرها وأخذها على ما سنذكر إن شاء الله تعالى.
ولما اجتمع الملك الأشرف ، والملك الكامل ، اتفقا على انتزاع دمشق من الملك الناصر ، وأن يأخذها الملك الأشرف وينزل على بلاد في الشرق عينها الملك الكامل ، ووقع الاتفاق عليها ، فحضرا لحصاره بعساكرهما ، وحصراه مدة أربعة شهور ، وتسلما دمشق في غرة شعبان سنة ست وعشرين ، وأبقى عليه قطعة كثيرة من الشام منها : الكرك ، وعجلون ، والصلت ، ونابلس ، والخليل ، وأعمال القدس ، لأن القدس كان سلم إلى الإنبروز قبل ذلك ، سوى عشر قرى على الطريق من عكا