الأقوات في عسكر الملك الكامل جدا ، ثم نمى إلى الملك الأشرف والملك المجاهد صاحب حمص أن الملك الكامل ذكر في الباطن أنه إن ملك بلاد الروم نقل سائر الملوك من أهل بيته إليها ، وانفرد بملك الشام مع الديار المصرية ، فاستوحشا من ذلك وأطلعا ملوك البيت الأيوبي ، فتغيرت نيات الجميع ، واتفقوا على التخاذل وعدم النصح ، فلما أحس الملك الكامل منهم بذلك ، مع كثرة الغلاء ، وامتناع الدربند رحل بالعساكر إلى أطراف بلاد بهسنا ، وجهز بعض الأمراء إلى حصن منصور فهدمه ، ووصل إلى خدمته صاحب خرتبرت داخلا في طاعته ، وأشار عليه بالدخول إلى بلاد الروم من جهة خرتبرت ، فجهز معه الملك المظفر صاحب حماة ، والطواشي شمس الدين صواب العادلي ، وكان من أكبر الأمراء ، وفخر الدين البانياسي في ألفين وخمسمائة فارس ، فوصلوها جرائد بغير خيم ، فعند طلوع الفجر أقبلت عساكر الروم في اثني عشر ألف فارس مقدمهم القيمري ، وضربوا معهم مصافا من أول النهار إلى آخره ، وظهر عسكر الروم ، ودخل الملك المظفر وشمس الدين صواب وفخر الدين البانياسي قلعة خرتبرت مع صاحبها ، ونزل باقي العسكر في الربض ، فزحف عسكر الروم وملكوا الربض عنوة وأسروا أكثر من كان فيه من العسكر الكاملي ، ثم وصل السلطان علاء الدين في بقية عساكره وأحدقوا بالقلعة ، ونصبوا عليها تسعة عشر منجنيقا ، وحصروها أربعة وعشرين يوما ، وقل الماء والزاد من عندهم ، فطلبوا الأمان فأمنهم صاحب الروم ، وتسلم القلعة وما معها من القلاع ، وكانت سبعا ، وتلقى الملك المظفر ومن معه أحسن ملتقى ، ونادمهم ، وخلع عليهم ، وقدم لهم التحف الجليلة وكان نزولهم من القلعة يوم الأحد لسبع بقين من ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين ، فكان ذلك من آكد مقدمات الوحشة بين الملك الكامل والناصر ، وغيره من الملوك ، وكثر استشعار الملك الناصر من عمه الملك الكامل ، فلما دخلت سنة ثلاث وثلاثين قوي عزم الملك الناصر على قصد الخليفة ، وهو المستنصر