إلى موافقته على أن يحضر إليه ليزوجه ابنته ، ويجعله ولي عهده ، ويملكه البلاد بعده ، وسير الملك الكامل إلى الملك الناصر أيضا رسولا يدعوه إلى الاتفاق معه ، وأنه يجدد عقده على ابنته ، ويفعل معه كلما اختار ، وتوافى الرسولان عند الملك الناصر بالكرك فرجح الميل إلى الملك الكامل ، وصرح لرسول الملك الأشرف بجواب اقناعي ، فسير رسول الملك الكامل إليه يعرفه ميل الملك الناصر إلى جهته ، وكان قد حضر عند الملك الكامل بعض الأمراء الأكابر الذين مرت بهم التجارب ومارسوا الحروب ، وشهدوا المصافات والوقائع ، فقال له الملك الكامل : أشتهي أن تعرفني ما عندك في أمري وأمر أخي الملك الأشرف ، ومن يظهر لك أن ينتصر ، ومن أقوى منا على لقاء صاحبه ، ولا تخفي ما في ضميرك من ذلك ، فقال : أنت الآن وأخوك مثل الميزان لا يرجح عليك ، ولا ترجح عليه ، وقد بقي بينكما الملك الناصر داود فإلى أي جهة مال ترجحت ، وكان قد وصل الملك الكامل كتاب رسوله وهو القاضي الأشرف ابن القاضي الفاضل يخبره بموافقة الملك الناصر له على ما قدمنا ذكره ، ولم يطلع عليه أحد ، فسر الملك الكامل بذلك ، ووقع منه قول ذلك الأمير أجمل موقع ، ثم إن الملك الناصر حضر بنفسه إلى الملك الكامل ، فتلقاه وبالغ في إكرامه ، وأعطاه الأموال ، وقدم له التحف ، واتفق موت الملك الأشرف رحمهالله واستيلاء الملك الصالح عماد الدين إسماعيل على بلاده التي بالشام ، وخروج الملك الكامل لانتزاعها منه ، فخرج الملك الناصر صحبته ، وأخذت دمشق على الصورة المشهورة ، واتفق موت الملك الكامل عقيب ذلك ، والملك الناصر بدمشق نازل في داره المعروفة بدار سامة فتشوف إلى مملكة دمشق ، فوافقه جماعة من المعظمية وغيرهم وجاءه الركن الهيجاوي والركني في الليل وبينا له وجه الصواب ، وأرسل إليه الأمير عز الدين أيبك صاحب صرخد يقول : أخرج المال وفرقه في مماليك أبيك ، والعوام معك وتملك البلد ، ويبقوا في القلعة محصورين ، فما فعل ، ثم إن الأمراء