الملك الناصر فقرا لم يفتقره أحد ، ووقع عماد الدين بن شيخ الشيوخ بسفط صغير فيه اثنتي عشرة قطعة من الجوهر ، وفصوص ليس لها قيمة ، فطلبها من الجواد فأعطاه إياها ، وهذه الأموال هي التي كان الملك المعظم جهز بها مرشد ابنته لما زوجها بخوارزم شاه ، أخذها الملك الناصر ظنا منه أنه يعوضها إذا فتح البلاد ، ونزل الجواد في دار المعظم بنابلس داخل البلاد ، واحتوى على ما فيها ، وولى فيها وفي أعمال القدس والأغوار من قبله ، ورحل عماد الدين ابن شيخ الشيوخ ومن معه من عسكر مصر إلى الديار المصرية ، ولم تعجب هذه الواقعة الملك العادل خوفا من تمكن الجواد واستيلائه على البلاد ، فأرسل إليه يأمره بالرجوع إلى دمشق ورد بلاد الملك الناصر إليه ففعل ، ورحل عائدا ، وفي هذه الواقعة يقول به جمال الدين بن عسل :
يا فقيها قد ضل سبل الرشاد |
|
ليس يغني الجدال يوم الجلاد |
كيف ينجي ظهر الحمار هزيما |
|
من جواد يكر فوق الجواد |
ثم لما ملك الملك الصالح نجم الدين دمشق بعد الجواد ، ورد عليه فخر القضاة نصر الله بن بصاقة رسولا من الملك الناصر يعده بمساعدته ومعاضدته على أخذ مصر له من العادل ، ويطلب منه تسليم دمشق وجميع البلاد التي كانت بيد أبيه ، فوعده الملك الصالح بذلك إذا ملك مصر فأبى الملك الناصر إلا أن ينجز له ذلك ، فلم يتفق بينهما أمر ، ثم إن الملك الصالح نجم الدين خرج لقصد الديار المصرية ، فاستولى الملك الصالح إسماعيل على دمشق ، وتفلل عسكر الملك الصالح نجم الدين عنه ، وبقي بنابلس ، فسير إليه الملك الناصر داود من أمسكه ، وطلع به إلى قلعة الكرك فاعتقله بها مكرما على ما هو مشهور ، فلا حاجة إلى شرحه.
وكان الملك الكامل سلم القدس إلى الفرنج سنة ست وعشرين على