ورأى على بعض أقاربه ملبوسا ملونا ، فأنكر عليه ذلك غاية الإنكار ، وقال : هذا يوم تلبس فيه هذه الثياب ، وقد مات كبيرنا ، وشيخنا وأجلنا قدرا ، ومكانة ثم حمل إلى الصالحية فدفن في تربة والده الملك المعظم رحمهماالله تعالى.
وكانت والدة الملك الناصر داود رحمهالله تعالى أم ولد خوارزمية ، وعمرت بعد وفاته دهرا ، حكى لي عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمهالله ما معناه أنه قال : خرج الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله إلى البويضا لشهود جنازة الملك الناصر داود رحمهالله ، وكنت فيمن خرج في خدمته ، فلما وصل السلطان خرجت والده الملك الناصر داود حاسرة ، وقالت : اشتفيت بولدي ، أو ما هذا معناه من كلام النساء في حال الحزن وسفههن ، فقال الملك الناصر : يا مرة مسلمة ، والله إنه عز عليّ فقده ، وتألمت لوفاته ، وهو ابن عمي ، وقطعة من لحمي فكيف تقولين هذا القول ، ثم قعد وتأسف عليه ، وبكى ولم يتأثر لمقالها وعذرها لما نزل بها ، ولم يحضر أحد من أعيان الدمشقيين سوى قاضي القضاة صدر الدين أحمد بن سني الدولة ، وولده القاضي نجم الدين رحمهماالله تعالى لا غير ، فالتفت السلطان إلى القاضي صدر الدين وقال : ما أقل وفاءكم يا دمشقيين يموت مثل الملك الناصر ، وهو سلطانكم وأبوه سلطانكم ، وجده سلطانكم وما يخرج أحد إلا أنت وولدك ، والله كان الواجب على أهل دمشق أن يكونوا من المدينة إلى هنا مكشفي الرؤوس يندبونه ، ويبكون عليه ، وشرع في توبيخ الدمشقيين ، ولومهم على ذلك بما هذا معناه ...
وخلف الملك الناصر عدة أولاد ذكورا وإناثا ، وسنذكر أعيان من درج منهم إلى رحمة الله إن شاء الله تعالى.
زهير بن محمد علي بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن منصور بن عاصم أبو الفضل ، وقيل أبو العلاء بهاء الدين الأزدي المولد ، القوصي