المنشأ القاهري الدار ، الكاتب المشهور ، والشاعر المجيد ، مولده بوادي نخلة بقرب مكة شرفها الله تعالى لخمس مضين من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة ، وربي بصعيد مصر ، وقوص ، وقرأ الأدب وسمع وحدث ، وله النظم الفائق والنثر الرائق ، وكان رئيسا فاضلا كريم الأخلاق حسن العشرة جميل الأوصاف ، واتصل بخدمة الملك الصالح نجم الدين بالقاهرة في حياة أبيه الملك الكامل ، فلما توجه الملك الصالح إلى الشرق سافر في خدمته ، وأقام معه ، فلما مات الملك الكامل ، وتسلم الملك الصالح نجم الدين دمشق من الملك الجواد ، كان بهاء الدين المذكور صحبته ، فلما اعتقل الملك الصالح بالكرك أقام بهاء الدين بنابلس عند الملك الناصر داود ، فلما خرج الملك الصالح من الاعتقال وسار إلى الديار المصرية ، كان بهاء الدين المذكور في صحبته ، وأقام عنده في أعلى المنازل ، وأجل المراتب ، هو المشار إليه في كتاب الدرج ، والمتقدم عليهم ، وأكثرهم اختصاصا بالملك الصالح ، واجتماعاته ، وسيره رسولا في سنة خمس وأربعين إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله صاحب حلب ، يطلب منه انفاذ الملك الصالح عماد الدين يوسف إسماعيل إليه ، فلم يجب الملك الناصر رحمهالله إلى ذلك ، وأنكر هذه الرسالة غاية الانكار ، وأعظمها واستفظعها ، وقال : كيف يسعني أن أسيّر عمه إليه ، وهو خال أبي وكبير البيت الأيوبي ليقتله ، وقد استجار بي ، والله هذا شيء لا أفعله أبدا ورجع بهاء الدين إلى الملك الصالح نجم الدين بهذا الجواب ، فعظم عليه وسكت على ما في نفسه من الحنق ، وقبل موت الملك الصالح نجم الدين بمدة يسيرة ، وهو نازل بالمنصورة تغير على بهاء الدين وأبعده لأمر لم يطلع على فحواه ، حكي لي أن سبب تغيره عليه أنه كتب عن الملك الصالح كتابا إلى الملك الناصر داود ، فلما وقف عليه الملك الصالح كتب بخطه بين الأسطر أنت تعرف قلة عقل ابن عمي ، وأنه يحب من يعظمه ويعطيه يده ، فاكتب له ما يعجبه من ذلك ، وسير الكتاب إليه وهو مشغول فأعطاه لفخر الدين إبراهيم بن لقمان ،