وكان وصل محيي الدين المذكور رسولا من المستنصر بالله إلى حلب سنة أربع وثلاثين ، وملكها يومئذ الملك العزيز فتوفي في شهر ربيع الأول من السنة ، ثم توجه إلى الروم رسولا ، فمات الملك علاء الدين سلطان الروم في شوال من السنة ، ثم توجه رسولا إلى الملك الأشرف ابن العادل ، وأخيه الملك الكامل ، فتوفي الأشرف في المحرم سنة خمس وثلاثين ، وتوفي الكامل في شهر رجب منها ، فعمل الأمير أبو القاسم بن محمود بن الأرشد بن الحسين بن محمود بن إبراهيم السنجاري المولد الحنفي المذهب :
قل للخليفة رفقا |
|
لك البقاء الطويل |
أرسلت فيهم رسولا |
|
سفيره عزرئيل |
ومن رعاة البلاد |
|
لم يبق إلّا القليل |
تلقاه حيث استقلت |
|
به الركاب عويل |
فليت شعري هذا |
|
مغسل أم رسول |
سموه باسمين كانا |
|
صدّيق فيما يقول |
محيي تصدى مميتا |
|
ويوسفا وهو غول |
وللملك الناصر داود بن المعظم عيسى في هذه الواقعة :
يا إمام الهدى أبا جعفر المن |
|
صور يا من له الفخار الطويل |
ما جرى من رسولك الشيخ محيي ال |
|
دين في هذه البلاد قليل |
جاءو الأرض بالسلاطين تزهو |
|
وانثنى والقصور منهم طلول |
أقفر الروم والشآم ومصر |
|
أفهذا مغسل أم رسول |
كان محيي الدين المذكور قد ولاه الإمام الناصر لدين الله حسبة بغداد ، وأنعم عليه إنعاما عظيما ، ورزق منه حظا ، ولم يزل في ترق إلى أن ولى أستاذية الدار للخليفة ، وترسل عنه إلى ملوك الأقاليم ، وحصل له الوجاهة التامة ووعظ ، وله علم بالتفسير والحديث والفقه ، ونظم الشعر ، وله المدايح في الخلفاء خاصة.