ما شقّقوا إلّا كساك وألّموا |
|
إلّا أنامل نلن منك سجالا |
ولنعد إلى ما نحن بصدده :
ومررنا بعد قطعنا عشر مراحل بقلعة (بيجابور) ـ بكسر الباء الموحدة ، وسكون الياء المثناة من تحت ، وجيم وبعد الألف باء موحدة أعجميّة وبعد الواو راء مهملة ـ وهذه القلعة هي دار ملك عادل شاه ملك تلك الأقطار ، فمررنا عليها ولم نجنح إليها ، وكان برز إلينا أمر مولانا السلطان خلّد الله ملكه بذلك. فنزلنا بقرية بالقرب منها ، في بستان الملك المذكور ، فيه عمارة عظيمة ، وبركة ماء كأنّها قطعة من السماء ، وما ألطف قول ابن تميم (١) في البركة :
لقد قابلتنا بالعجائب بحرة |
|
مكمّلة الأوصاف في الطّول والعرض |
كأنّ الذي يرنو إليها بطرفه |
|
يرى نفسه فوق السّما وهو في الأرض |
وللقاضي أحمد بن عيسى المرشدي (٢) فيها أيضا :
ألا انظر إلى هذا الصّفاء ببركة |
|
تقول لمن قد غاب عنها من الصحب (٣) |
لئن غبت عن عيني وكدّرت مشربي |
|
تأمّل تجد تمثال شخصك في قلبي |
كان القاضي أحمد المذكور من علماء مكة المشرّفة ، وأكابر أدبائها البارعين نظما ونثرا. توفي لخمس خلون من ذي الحجة الحرام سنة سبع وأربعين وألف على ما أخبرني به الوالد ، وأنشدني له :
__________________
(١) هو مجير الدين محمد بن يعقوب المعروف بابن تميم. توفي سنة ٦٠٤ ه (أنوار الربيع ١ / ٢٧٠).
(٢) هو قاضي مكة أحمد ، وقد توفى كما قال المؤلف سنة ١٠٤٧ ه تجد ترجمته ومصادرها في أنوار الربيع ١ /. ٤٩.
(٣) في نفحة الريحانة ٤ / ٧٩ وسلافة العصر / ٩٥ (لبركة) مكان (ببركة).