وورد على الصاحب ، وقبله على ابن العميد شيخ حسن الهيئة والشيبة ، مقبول الشارة والبزّة ، يرجع إلى فضل كثير وتفنن في العلوم ، ويقول شعرا جيّدا ، ولكنه كان مشغوفا بالكذب وكانت له أوابد وعجائب يحدّث بها عن نفسه ولا يتحاشى.
فممّا حكي أنّه قال : سلكت طريقا بالروم في شدّة البرد ، فلما ارتفع النهار سمعنا في الهواء أصواتا مختلفة ، وكلاما عاليا ولم نر أحدا ، فإذا قوم كانوا سلكوا ذلك الطريق قبلنا في الليل ، وجمدت أصواتهم من شدّة البرد في الجوّ ، فلما حمي النهار وطلعت الشمس على الأصوات الجامدة ذابت فكنّا نسمعها ، وواحد يقول : اشدد الرحل ، وآخر يقول : اسرج الدابة مما يجانس من كلام جماعتهم. وذكر أنّه وجد في هذه الطريق حبلا أسود فشدّ به رحله ، فلما طلعت عليه الشمس تقطّع وطار وسقط رحله على الطريق ، وانّ ذلك من اجتماع خطاطيف كثيرة أصابها البرد وأدخل كل واحد رأسه في است الآخر وصارت على هيئة الحبل ، فلما مسّها حرّ الشمس طارت. انتهى من (خلق الإنسان) للعلامة النيسابوري.
ورأينا بالهند نوعا من الكادي الأصفر ، وهو أذكى رائحة من الأبيض ، لا يشكّ من رآه ولم يعرف ذلك أنّه مضمّخ بزعفران. وقد استفيد ممّا مرّ من كلام السيوطي أن الكادي بالدال المهملة ، وهو خلاف المشهور. وذكره في القاموس في مادة (كذا) ـ بالذال المعجمة ـ والله أعلم.
رجع : وزرنا بكلبرجا هذه ضريح السيد محمد المشهور بكيسو دراز ، أي طويل اللمّة ، وهو أحد الصوفية المشهورين ، والسادة المباركين تقصده ملوك الهند للزيارة وتنذر له النذور ، وعلى ضريحه قبّة عظيمة معلّق فيها عقود لآل ثمينة ، يقال : انّ بعض التجار كان في البحر فأشرفت سفينته على الغرق فنذر أن أنجاه الله تعالى أن يعلّق على ضريح السيد هذه اللآلئ وكانت معه ، فأنجاه الله تعالى ووفّى بنذره. وكانت وفاة السيد المذكور سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
__________________
(التحذير من صحبة الكذاب).