وعلى ذلك فما ألطف قول أبي الفتح البستي :
تنازع الناس في الصّوفي واختلفوا |
|
فيه وظنّوه مشتقّا من الصّوف |
وليس أنحل هذا الاسم غير فتى |
|
صافى فصوفي حتّى لقّب الصّوفي |
وقد اختلف في مأخذ هذا الاسم والوصف به. قال أبو نصر السراج (١) : إنّما قيل لهم الصوفيّة نسبة إلى ظاهر اللّبسة ، إذ كان لبس الصوف دأب الأنبياء والأولياء والصديقين وعباد الله المخلصين ، فنسبوا إليه ، حتى يكون ذلك اسما مجملا عاما مخبرا عن جميع أوصاف التنسّك وآداب التعبد ، إذ لو كان الاسم ببعضها لم يكن ذلك البعض بأولى من غيره فوصفوا باللّبسة الظاهرة.
وقال بشر بن الحارث (٢) : هو من صفا قلبه لله.
وقد قربت عباراتهم عن الصفوة على مخرج اسمهم فقالوا : هو من صفّا نفسه عن كدورة المخالفات ، وقالوا : هو من صفت لله معاملته ، وصفت له من الله كرامته.
وسئل محمد بن علي أستاذ الجنيد (٣) عن التصوف فقال : التصوّف جملته (٤) أخلاق كريمة طهرت في زمان كريم من رجل كريم مع قوم كرام.
وقال أبو الحسن الثوري : التصوف في الحقيقة هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد في التصوّف. وقيل : أنّه سئل عن التصوف فأنشد :
عري وجوع وحفا |
|
وماء وجه قد عفا |
وليس إلّا نفس |
|
يخبر عمّا قد خفا |
قد كنت أبكي طربا |
|
فصرت أبكي أسفا |
__________________
(١) هو عبد الله بن علي الطوسي (أبو نصر السراج) صاحب كتاب اللمع في التصوف.
توفي سنة ٣٧٨ ه (شذرات الذهب ٣ / ٩١ ، ومعجم المطبوعات / ١٠١٧).
(٢) هو بشر الحافي بن الحارث من كبار الصالحين. توفي ببغداد سنة ٢٢٧ ه (الأعلام ٢ / ٢٦).
(٣) هو أبو جعفر القصاب (محمد بن علي) المتوفى سنة ٢٧٥ ه (تاريخ بغداد ٣ / ٦٢).
(٤) في ك (جملة) مكان (جملته).