وقيل : التصوف هو أن يستعذب البلاء ولا يسأل كشفه ، ويستحلى العناء ولا يبغي صرفه ، وأنشد (١) :
لست أشكو هواك يا من هواه |
|
كلّ يوم يروعني منه خطب |
مرّ ما مرّ بي من أجللك حلو |
|
وعذابي في مثل حبّك عذب |
وقيل : التصوّف صيرورة الأهواء هوى ، والهموم همّا ، وأنشد :
سرت في سواد النّفس حتى إذا انتهى |
|
بها السّير وارتادت حمى القلب حلّت |
فو الله ما في القلب شيء من الهوى |
|
لأخرى سواها أكثرت أم أقلّت |
وكلامهم في ذلك يطول. ومن املاء المولى الأعظم قطب الدين الشيرازي (٢) : التصوف في زماننا عبارة عن متابعة التيوس [اللحيانية](٣) وتقوية النفوس الشهوانية ، والرقص بالحركات الميلانية ، والانسلاخ من جميع الأخلاق الإنسانية ، ومخالفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في جميع الوظائف الإيمانية. انتهى.
وكتب بعض الأفاضل لعلّ في قوله : في زماننا ، دفعا لما يفهم من مذمتهم على الاطلاق. وعلى ذلك فما ألطف قول القاضي أحمد بن عيسى المرشدي (*) :
صوفيّة العصر والأوان |
|
صوفيّة العصر والأواني |
فاقوا على فعل قوم لوط |
|
بنقر زان لنقر زان (٤) |
وبالجملة فالحال الآن كقولة من قال :
لقد هزلت حتّى بدا من هزالها |
|
كلاها وحتّى استامها كلّ مفلس |
__________________
(١) نسب المؤلف هذين البيتين في كتابه أنوار الربيع ٤ / ٩٧ لأبي اسحاق الصابي.
(٢) هو محمود بن مسعود (قطب الدين الشيرازي. توفي سنة ٧١٠ ه (معجم المؤلفين ١٢ / ٢٠٢).
(٣) اللحياني (بالكسر) : الطويل اللحية. في ع (اللخياتية) وفي ك وأ (اللحسانية والصواب) ما أثبته.
(٤) قال محقق نفحة الريحانة ٤ / ٧٩ (نقرزان) الثانية : الآلة الموسيقية.