بليت بقاس لا يرقّ فؤاده |
|
عليّ وها قد رقّ لي الحجر الصّلد |
أعاني به ما يعجز الدّهر بعضه |
|
وأحمل ما قد كلّ عن حمله الجهد |
وأدفع عنه النّفس وهي عصيّة |
|
وهل يمكن الظمآن عن مورد ردّ (١) |
إذا جئته يوما لبثّ شكيّة |
|
أروح بأشجان على مثلها أغدو |
تهدّدني من مقلتيه إذا رنا |
|
قواضب مما يطبع الله لا الهند |
حداد يلوح الموت في صفحاتها |
|
مواض لها في كلّ جارحة غمد |
أشاق إذا ما عنّ في القلب ذكره |
|
أطرب ما بات اللّسان به يشدو |
ومنهم السيد الجليل ، الأيّد المثيل (٢) ، المتفرع من دوحة الرسالة والنبوة ، المترعرع من سرحة البسالة والفتو ، نور حدقة الفضل والسيادة نور حديقة المجد والسعادة ، ذو الجلالة التي شاع صيتها في الآفاق ، والإبالة (٣) التي انعقد عليها الاجماع والاتّفاق. السيد الشريف (٤) ، السند الحنيف : عمّار بن الملك الحي ، ولقد كان يجمعني واياه مجلس والدي فنتلاقى ملاقاة الأجسام والأرواح ، ونتصافى مصافاة الماء والراح ، وهو كهل شبّت بالظرف (٥) شمائله ، وزرّت على شخص العرف غلائله. يغدو ويروح بجسم كلّه روح. وقد رأيت جماعة من أبناء جنسه فلم أر من يدانيه في جوده وبأسه. أمّا جوده فضرّة البحار ، وأمّا بأسه فأشهر من الشمس في رائعة النهار ، وناهيك بمن تحدّر من سلالة أكابر ، ورقاه أسرّة ومنابر ، وربّما كانت تجمعنا حلبة أدهم وكميت ، أو بيت شعر لم يتحكّم عليه لو ، ولا ليت ، فنتنقّل من متن جواد إلى شرح بيت ، ولا أنسى قوله وقد سابقته قبل موته بأيّام قلائل غدت لفوته ولم
__________________
(١) في ك (عن ورده) مكان (عن مورد).
(٢) الأيّد : القوي. المثيل : الفاضل. في ك (الفاقد المثيل).
(٣) الإبالة (بكسر الهمزة وتسهيل الباء أو تشديدها) : السياسة.
(٤) توفي الشريف عمار بن بركات سنة ١٠٦٩ ه (سلافة العصر / ٣١).
(٥) في ك (شبت عن الطوق).