يدر أنّ المنايا تسابقه ، وغمرها السابح (١) لاحقه ، تحته مهر كلف به كلف أبي محجن (٢) بالحميّا ، أو ابن أبي ربيعة (*) بمحبوبته الثريّا. قريب الرياضة سريع الإفاضة ، فقال لي وهو يركضه : إن هلك فمنك عوضه ، فكان هو الهالك ، ولو أمكن لكنت عوضه من المهالك. وله شعر يفعل بالألباب فعل السحر ، أثبت منه أحلى من جني النحل ، وأجدى من ندى القطر في البلد المحل. فمن ذلك قوله وهو ممّا كتبه إلى الوالد :
زرت خلّا صبيحة فحباني |
|
بسؤال أشفى وأرغم شاني (٣) |
قال لما نظرت نور محيّاه |
|
ونلت المنى وكلّ الأماني (٤) |
كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا |
|
ينبت الحبّ في قلوب الغواني |
فتحرّجت أن أفوه بما قد |
|
كان منّي طبعا مدى الأزمان |
يا أخا المجد والمكارم والفضل |
|
ومن لا أرى له اليوم ثاني |
أدرك ادرك متيّما في هواكم |
|
قبل تسطو به يد الحدثان (٥) |
وابق واسلم منعّما في سرور |
|
ما تغنّت ورق على غصن بان |
فأجابه الوالد بقصيدة طنانة مطلعها :
ليت شعري متى يكون التداني |
|
من بلاد بها الحسان الغواني |
يقول فيها :
كلمات لكنّها كالدّراري |
|
وسطور حوت بديع المعاني |
قد أتت من أخ شقيق المعالي |
|
فائق الأصل غرّة في الزّمان |
صافي الودّ صافي القلب قرم |
|
كعبه قد علا على كيوان (٦) |
__________________
(١) الغمر : الفرس الجواد. السابح : السريع الجري. في ك (السابق) مكان (السابح).
(٢) هو أبو محجن الثقفي عمرو بن حبيب. توفي سنة ٣٠ ه (الأعلام ٥ / ٢٤٣).
(٣) أشفى : أهلك. شاني : شانئ.
(٤) في ك (ونلت المنى به والأماني).
(٥) في سلافة العصر / ٣٣ (واكففن عنه صولة الحدثان).
(٦) في ك (خالص الود خالص القلب) وفي سلافة العصر / ٣٤ (كعبة المجد في ذرى