دعا بكبير فشرب به كالشمس عربت في ثبير وعندما تناولها قام المصري ينشد أبياتا تمثلها
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا |
|
بشاذ مهر ودع غمدان لليمن |
فأنت أولى بتاج الملك تلبسه |
|
من هوذة بن عليّ وابن ذي يزن |
فطرب حتى زحف من مجلسه ، وأسرف في تأنّسه ، وأمر فخلع عليه خلعة لا تصلح إلّا للخلفاء وأدناه حتى أجلسه مجلسه الأكفاء ، وأمر له بدنانير عددا ، وملأ بالمواهب له يدا. انتهى.
قلت : ووقفت في كتاب العقد لأحمد بن عبد ربه القرطبي أن البيتين الذين أنشدهما المصري لشاعر من أهل الري يقال له أبو زيد ، دخل على عبد الله بن طاهر (١) صاحب خراسان ، فأنشده ايّاهما ، فأمر له بعشرة آلاف درهم.
ومن غريب ما يحكى عن عبد الله بن طاهر المذكور ، ما ذكر أحمد بن اسرائيل السلمي قال : كنت مع طاهر بن الحسين بالرقة وأنا أحد قوّاده المختصّين به ، فخرج علينا يوما ومشينا بين يديه ، وهو يتمثّل هذه الأبيات (٢) :
عليكم بداري فاهدموها فإنّها |
|
تراث كريم ليس يخشى العواقبا |
إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه |
|
وأعرض عن ذكر العواقب جانبا |
سأغسل عنّي العار بالسيف جالبا |
|
عليّ قضاء الله ما كان جالبا |
قال : فدار حول الرافقة (٣) ثم رجع فجلس فنظر في قصص ورقاع ، ووقّع فيها بصلات أحصيت فكانت ألف ألف درهم. فلما فرغ نظر إليّ
__________________
(١) من الأمراء الأجواد كان مقدما عند المأمون. توفي سنة ٢٣٠ ه (أنوار الربيع ١ / ١٥١).
(٢) الأبيات من قصيدة لسعد بن ناشب من بني مازن بن عمرو بن تميم شاعر إسلامي ، وهي في شرح الحماسة للمرزوقي ١ / ٦٧ ، والعقد الفريد ٣ / ١٤ وفي روايتها وترتيبها اختلاف.
(٣) الرافقة : بلد متصل بالرقة على ضفة الفرات.