قال الحكيم الرابع : لقد ساء وقوع من وقع وقعا احتاج فيه (بنفسه) (١).
قال الحكيم الخامس : من ههنا وجب الاتصال بالحكماء الممدودين بالحكمة.
قال الحكيم السادس : الواجب على المرء المحبّ لسعادة نفسه ألّا يغفل عن ذلك لا سيما إذا كان المقام في هذه الدنيا ممتنعا والخروج منها واجبا.
قال الحكيم السابع : أنا لا أدري ما تقولون غير أني أخرجت إلى هذه الدنيا مضطرّا ، وعشت فيها حائرا ، وأخرج منها مكرها.
فاختلف الهند من سلف وخلف في آرائهم السبعة ، وكلّ قد اقتدى بهم ، ويمّم مذهبهم وتفرّعوا بعد ذلك في مذاهبهم ، وتنازعوا في آرائهم ، فالذي يقع الحصر من طوائفهم سبعون فرقة.
قال المسعودي : وقد تنوزع في البرهمن ، فمنهم من زعم أنّه آدم (ع) وأنّه رسول من الله عزوجل إلى الهند. ومنهم من يقول أنّه كان ملكا على حسب ما ذكرنا ـ وهذا أشهر ـ ولما هلك البرهمن جزعت عليه الهند جزعا شديدا ، وفزعت إلى نصب ملك آخر عليها من أكبر ولده ، وكان وليّ عهد أبيه الموصى عليه من ولده وهو (الناهور) (٢) ، فسار فيهم سيرة أبيه ، وأحسن النظر لهم وزاد في بناء الهياكل ، وقدّم الحكماء وزاد في مراتبهم ، وحثهم على تعليم الناس الحكمة وبعثهم على طلبها. فكان ملكه إلى أن هلك مائة سنة. وفي أيامه علمت النرد وأحدث اللعب بها ، وجعل ذلك مثالا للمكاسب وأنّها لا تنال بالكسب ولا بالحيلة في هذه الدنيا ، وإنّ الرزق لا يتأتى بالحذق.
وقد ذكر أن أردشير بن بابك أوّل من صنع النرد ولعب بها ، وأرى تقلّب الدنيا بأهلها واختلاف أمورها ، وجعل بيوتها اثني عشر بيتا بعدد الشهور ، وجعل كلابها ثلاثين بعدد أيام الشهر ، وجعل [الفصّين](٣) مثالا للقدر وتقلبه
__________________
(١) في مروج الذهب (إلى معرفة نفسه).
(٢) في مروج الذهب (الباهبود) وقال المحقق (في نسخة : الناهود).
(٣) في ع وأ (القصة) وفي ك (الفص) وما أثبته عن مروج الذهب.