المجتمعة من ماء النيل وماء البحر المعروفة ببحيرة تنّيس (٦١) ونسترو بمقربة منها ، نزلت هنالك بزاوية الشيخ شمس الدين الفلوي من الصالحين ، وكانت تنّيس (٦٢) بلدا عظيما شهيرا وهي الآن خراب.
قال ابن جزى : تنّيس بكسر التاء المثناة والنون المشددة وياء وسين مهمل ، وإليها ينسب الشاعر المجيد أبو الفتح بن وكيع وهو القائل في خليجها.
قم فاسقني ، والخليج مضطرب |
|
والريح تثني ذوائب القصب |
كأنها والرياح تعطفها |
|
صبّ قنا. سندسية العذب |
والجوّ في حلّة ممسّكة |
|
قد طرزتها البروق بالذّهب |
ونسترو ، بفتح النون وأسكان السين وراء مفتوحة وواو مسكن ، والبرلّس بباء موحدة وراء وآخره سين مهمل ، وقيده بعضهم بضم حروفه الأول الثلاث وتشديد اللام ، وقيده أبو بكر بن نقطة بفتح الاولين ، وهو على البحر. ومن غريب ما اتّفق به ما حكاه أبو عبد الله الرّازي عن أبيه أن قاضي البرلّس ، كان رجلا صالحا ، خرج ليلة إلى النيل فاسبغ الوضوء وصلى ما شاء الله أن يصلي فسمع قائلا يقول :
لولا رجال لهم سرد يصومونا |
|
وآخرون لهم ورد يقومونا |
لزلزلت أرضكم من تحتكم سحرا |
|
لأنكم قوم سوء لا تبالونا! |
قال : فتجوزت في صلاتي وأدرت طرفي فما رأيت أحدا ولا سمعت حسا فعلمت أن ذلك زاجر من الله تعالى.
__________________
(٦١) هذا سهو من ابن بطوطة في حق بحيرة البرلس فإن بحيرة (تنّيس) أو بحيرة (المنزلة) توجد في شرق الدلتا ولا صلة لها ببحيرة البرلس! تراجع الخريطة.
(٦٢) تنيس مركز رئيسي للنسيج المصري ، وقد تعرض للخراب أثناء الحروب الصليبية وهدم اخيرا من لدن السّلطان الأيوبي الكامل عام ٦٢٤ ـ ١٢٢٧ كإجراء احتياطي خوفا من أطماع فريديريك الثاني. وقد جرت عادة القادة على أنهم إذا تخوفوا من هجوم على ثغر من ثغورهم فضلوا نسفه على أن يروا خصومهم يستولون عليه!!