اليها وصارت دار العلم والملك إلى أن أتى الإسلام فاختط عمرو بن العاص رضياللهعنه مدينة الفسطاط فهي قاعدة مصر إلى هذا العهد.
والأهرام بناء بالحجر الصلد المنحوت متناهي السمو مستدير متسع الأسفل ضيق الأعلى كالشكل المخروط ، ولا أبواب لها ولا تعلم كيفية بنائها.
ومما يذكر في شأنها أن ملكا من ملوك مصر قبل الطوفان رأى رؤيا هالته وأوجبت عنده أنه بنى تلك الأهرام بالجانب الغربي من النيل لتكون مستودعا للعلوم ولجثث الملوك ، وأنه سأل المنجمين : هل يفتح منها موضع؟ فأخبروه أنها تفتح من الجانب الشمالي ، وعينوا له الموضع الذي تفتح منه ، ومبلغ الانفاق في فتحه ، فأمر أن يجعل بذلك الموضع من المال قدر ما أخبروه أنه ينفق في فتحه ، واشتد في البناء فأتمه في ستين سنة ، وكتب عليها : بنينا هذه الأهرام في ستين سنة فليهدمها من يريد ذلك في ستمائة سنة ، فإن الهدم أيسر من البناء (١١٧). فلما أفضت الخلافة إلى أمير المومنين المامون (١١٨) أراد هدمها فأشار عليه بعض مشايخ مصر أن لا يفعل ، فلج في ذلك وأمر أن تفتح من الجانب الشمالي فكانوا يوقدون عليها النار ، ثم يرشونها بالخل ويرمونها بالمنجنيق حتى فتحت الثلمة التي بها إلى اليوم ووجدوا بإزاء النقب ما لا أمر أمير المومنين بوزنه فحصر ما أنفق في النقب فوجدهما سواء فطال عجبه من ذلك ووجدوا عرض الحائط عشرين ذراعا.
ذكر سلطان مصر
وكان سلطان مصر على عهد دخولي اليها الملك الناصر أبو الفتح محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي (١١٩) ، وكان قلاوون يعرف بالألفي ، لأن الملك الصالح اشتراه بألف دينار ذهبا ، وأصله من قفجق ، وللملك الناصر رحمهالله السيرة الكريمة
__________________
(١١٧) لاحظ السير هاميلتون كثيب أن ابن بطوطة ربّما لم يزر الأهرامات! فهو يتحدث عنها وكأنّها بناية واحدة ، ولم يذكر أبا الهول ، وهكذا فإنه لم يكون دقيقا كسلفه ابن جبير ...
(١١٨) المأمون هو عبد الله بن هارون الرشيد ، سابع الخلفاء العباسيين نفذ أمره من إفريقية إلى أقصى خراسان وما وراء النهر والسند وتمّم ما بدأ به جدّه المنصور من ترجمة كتب العلم والفلسفة ، وأطلق حرية الكلام للباحثين وأهل الجدل ، جلس على كرسي الخلافة من ١٩٨ ه إلى ٢١٨ ه ـ ٨١٣ م ـ ٨٣٣ م كان الخليفة العباسي الوحيد الذي زار مصر أثناء خلافته.
(١١٩) تولّى الملك ثلاثة مرات من عام ٦٩٢ ـ ١٢٩٣ إلى ٧٤٢ ـ ١٣٤١ كان والده سلطانا من ٦٧٨ إلى ٦٨٩ ـ ١٢٧٩ ـ ١٢٩٠ كان في الأصل مملوكا كسائر المماليك للسلطان الصالح وهو السلطان ما قبل الأخير لبني أيوب الذي تملك من ٦٣٨ إلى ٦٤٧ ـ ١٢٤٠ ـ ١٢٤٩.