خديم له ، وسبب ذلك أنه وقع في بلاد صنف من الرافضة (٨٤) أرجاس يبغضون العشرة من الصحابة رضياللهعنهم ولعن مبغضهم ، ويبغضون كلّ من اسمه عمر ، وخصوصا عمر بن عبد العزيز رضياللهعنه لما كان من فعله في تعظيم عليّ رضياللهعنه.
ثم سرنا منها إلى مدينة سرمين (٨٥) ، وهي حسنة كثيرة البساتين ، وأكثر شجرها الزيتون ، وبها يصنع الصابون الآجورى ، ويجلب إلى مصر والشام ويصنع بها أيضا الصابون المطيّب لغسل الأيدي ويصبغونه بالحمرة والصفرة ، ويصنع بها ثياب قطن حسان تنسب اليها. وأهلها سبّابون يبغضون العشرة (٨٦) ، ومن العجب أنهم لا يذكرون لفظ العشرة وينادي سماسرتهم بالأسواق على السلع فإذا بلغوا إلى العشرة قالوا : تسعة وواحدا!!
وحضر بها بعض الأتراك يوما فسمع سمسارا ينادي تسعة وواحد ، فضربه بالدّبوس على رأسه ، وقال : قل عشرة بالدبوس! وبها مسجد جامع فيه تسع قباب ولم يجعلها عشرة قياما بمذهبهم القبيح!
ثم سرنا إلى مدينة حلب المدينة الكبرى ، والقاعدة العظمى. قال أبو الحسين ابن جبير في وصفها : قدرها خطير ، وذكرها في كل زمان يطير ، خطابها من الملوك كثير ، ومحلها من النفوس أثير ، فكم هاجت من كفاح ، وسل عليها من بيض الصفاح ، لها قلعة شهيرة الامتناع ، باينة الارتفاع تنزهت حصانة أن ترام أو تستطاع ، منحوتة الأرجاء ، موضوعة على نسبة اعتدال واستواء ، قد طاولت الأيام والأعوام ، وشيعت الخواص والعوام ، أين أمراؤها الحمدانيون ، وشعراؤها (٨٧)؟ فني جميعهم ولم يبق إلا بناؤها! فيا عجبا للبلاد تبقى ويذهب أملاكها! ويهلكون ولا يقضى هلاكها وتخطب بعدهم فلا يتعذر إملاكها ، وترام فيتيسر بأهون شيء إدراكها.
__________________
(٨٤) يذكر أن شيعة هذه المنطقة ينتمون إلى فرقة تعرف باسم النّصيرية نسبة إلى محمد بن نصير البصري ... ـ أنظر دائرة المعارف الإسلامية مادة (NUCAIRI).
(٨٥) تقع سرمين على بعد يومين غرب حلب ويذكر أبو الفداء أنها مدينة تتوفر على عدد من أشجار الزيتون والأشجار الأخرى.
(٨٦) يذكر ياقوت أن أهل سرمين في عهده كانوا من الطائفة الإسماعيلية ...
(٨٧) إلى أسرة حمدان العربية ينتمي سيف الدولة الذي احتل حلب عام ٣٣٢ ـ ٩٤٤ واشتهر أمره بالحملات المتوالية ضد البيزنطيين على ما نجده في أشعار المتنبي ... الذي يقول في شعره :
نفيت عنك العلا والمجد والأدبا |
|
وإن خلقت لها إن لم تزر حلبا!! |