بالقمر. والاكمام بالثمر. وامتدت بشرقيّها غوطتها (١٦١) الخضراء على امتداد البصر. وكل موضع لحظت بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد البصر ، ولله صدق القائلين عنها : إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها ، وإن كانت في السماء فهي تساميها وتحاذيها.
قال ابن جزي ، قد نظم بعض شعرائها في هذا المعنى فقال :
إن تكن جنة الخلود بأرض |
|
فدمشق ، ولا تكون سواها! |
او تكن في السماء فهي عليها |
|
قد أمدّت هواءها وهواها |
بلد طيب وربّ غفور (١٦٢) |
|
فاغتنمها عشية وضحاها! |
وذكر شيخنا المحدث الرحّال شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جابر بن حسان القيسي الواديءاشي (١٦٣) نزيل تونس ، ونصّ كلام ابن جبير ، ثم قال : ولقد أحسن فيما وصف منها وأجاد ، وتوّق الأنفس للتطلع على صورتها بما أفاد ، هذا وإن لم تكن له بها إقامة ، فيعرب عنها بحقيقة علّامة ، ولا وصف ذهبيّات أصيلها ، وقد حان من الشمس غروبها ولا أزمان فصولها المنوّعات ، ولا أوقات سرورها المنبهات ، وقد اختص من قال : ألفيتها كما تصف الألسن ، وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الأعين.
__________________
(١٦١) الغوطة اسم عرفت به واحة بضواحي دمشق : وقد ضمنت سقيها من الأودية المجاورة.
(١٦٢) تلميح لما ورد في القرآن الكريم ، السورة ٣٤ ، الآية ١٤ ...
(١٦٣) محمد بن جابر بن محمد بن قاسم ... منسوب لوادي أش (GUADIX) جنوب الأندلس ، كان معاصرا لابن بطوطة وشاعرا رحالة ، سافر إلى الشرق في حدود ٧٢٠ ـ ١٣٢٠ وكذلك عام ٧٣٤ ـ ١٣٣٣ ، وتوفى بالطاعون العام في تونس عام ٧٤٩ ـ ١٣٤٨ ... ـ ابن حجر : الدرر ٤ ، ٣٣ ـ ٣٤.