قال ابن جزي : والذي قالته الشعراء في وصف محاسن دمشق لا يحصر كثرة ، وكان والدي رحمهالله كثيرا ما ينشد في وصفها هذه الأبيات : وهي لشرف الدين بن عنين (١٦٤) رحمهالله تعالى :
دمشق بى شوق إليها مبرّح |
|
وإن لجّ واش أو ألحّ عذول |
بلاد بها الحصباء درّ وتربها |
|
عبير وأنفاس الشمال شمول |
تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق |
|
وصح نسيم الرّوض وهو عليل |
__________________
(١٦٤) تنوعت الأسماء حسب المخطوطات فمن (ابن محسن) إلى (ابن عتيق) إلى ابن عشيق ، والصواب غير هذا وذاك ، فقد ورد في مخطوطة الخزانة الحسنية بالرباط رقم ٣٠٣٠ اسم ابن عنين ، وهو ما يوجد في مخطوطة المكتبة الأحمدية بتونس وما يوجد في مخطوطة باريز رقم ٩٩ / ٢٢٨٧ ، وابن عنين هذا هو محمد بن نصر بن مكارم بن الحسن بن عنين ، أبو المحاسن ، شرف الدين الدمشقي ... وهو الذي نفاه السلطان صلاح الدين من دمشق وبعد وفاة صلاح الدين استأذن الملك العادل في العودة بقصائد رقيقة بثّ فيها أشواقه إلى دمشق ... كان وافر الحرمة ، وتولى الكتابة وقد وصل إلى إربل سنة ٦٢٣ رسولا عن الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل صاحب دمشق ، من شعره الذي استأذن به للعودة إلى دمشق :
ما ذا على ضيف الأحبة لو سرى |
|
وعليهم لو سامحوني بالكرى! |
ووصف في أوائلها دمشق وبساتينها وأنهارها ومستنزهاتها تم تخلص لذكر أيام المنفى!
فارقتها لا عن رضي ، وهجرتها |
|
لا عن قلى ، ورحلت لا متخيرا! |
أشكو إليك نوي تمادى عمرها |
|
حتى حسبت اليوم منها أشهرا!! |
قال ابن خلكان معلّقا على هذه القصيدة ، إنها خير من قصيدة أبي بكر ابن عمار الأندلسي التي أولها : أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى. الأبيات أدركه أجله سنة ٦٣٠ ـ ١٢٣٢ ـ. ابن خلكان : الوفيات ٥ ص ١٤ ـ الزركلي : الأعلام ٧ ، ٣٤٨