مسلما وفي يدي صحيح مسلم فقال لي : إلى أي مكان وصلت في قراءة مسلم بالجامع؟ فقلت له إلى صلاة الخوف. وكان متكئا فجلس وتكلم على كيفيات صلاة الخوف وما قال الناس فيها. ومن قال إنها نسخت. وأطال الكلام جدا. فقال له من حضر : أنت ضعيف وفيما ذكرت كفاية. فسكت. ودخل عليه طبيبه وهو سليمان الحكيم فقال له ما وجعك. قال : ذات الجنب فشق عليه ذلك لأنه يعلم أنه من الأمراض المخوفة. وصار يكرر ذات الجنب. ذات الجنب. فقال له بعض الحاضرين : قتلته. وتزايد به الألم إلى أن مات بعد العشاء بقليل في الليلة المسفرة صباحها عن يوم الأربعاء عاشر القعدة سنة ثلاث وأربعين.
وحضرت غسله فكان نير الوجه ، وغسله الشيخ يوسف الكردي (١) وصلى عليه بالجامع العمري (٢) ثم الأموي (٣) ثم النوري (٤). وكانت جنازته عظيمة. وحمل نعشه كافل حلب قانباي الحمزاوي (٥) وصلى عليه عند باب دار العدل ثم عند جامع دمرداش ثم عند جامع الطواشي ثم خارج باب المقام ودفن في تربة أعدها لنفسه خارج باب المقام رحمه الله تعالى.
وشمت بعض الناس بموته فأذكرني ذلك ما قال منصور التميمي الفقيه الشافعي :
قضيت نحبي فسر قوم |
|
حمقى بهم غفلة ونوم |
كأن يومي عليّ حتم |
|
وليس للشامتين يوم |
__________________
(١) يوسف بن يعقوب. بن عمر الشافعي. نزيل حلب. مولده عام ٨٠٠ ه. قدم من بلاده إلى حلب فأقرأ الطلبة وأفتى. كان فاضلا خيرا أجاز في سنة إحدى وخمسين ومات بعد ذلك (الضوء اللامع : ١٠ / ٣٣٧.
(٢) انظر ترجمته في جزء الخطط.
(٣) الحاشية السابقة.
(٤) الحاشية السابقة.
(٥) انظر ترجمته في فصل النواب.