كفر» (١) ، كان على مستمعي هؤلاء أن يسمعوا ما يقولونه ويصدقوه حتى لو كان الحديث الذي نسبوه إلى النبي (ص) وهو : «عظّموا البطيخ فإنه من حلل الأرض ، وماؤه شفاء وحلاوته من الجنة» (٢) (!)
ولقد فات النسفي أن ينبه إلى ما في بعض تلك الأحاديث من ضعف أو اختلاق في متونها أو رواتها. فقد روى مثلا في ترجمة بهرام بن حمزة المرغيناني عن الحسين الكاشغري عن موسى الحامدي عن أسد بن القامش التركي عن النبي (ص) أنه قال : إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول» (٣) ، أي على المصلين في الصف الأول من صلاة الجماعة. وقد علق السمعاني على ذلك بأن هذا حديث باطل وقال : إن الحامدي والمرغيناني مجهولان (٤). وقال ابن حجر : «هذا إفك مبين ؛ فما في الصحابة تركي» (٥). وقد انتقد السمعانيّ مؤلف القند لذكره هذا الحديث حيث علّق قائلا : «سلوا الله الثبات على الصدق ، فليس العجب من رواية بهرام عن الحامدي ، إنما العجب من رواية عمر [يعني مؤلف القند] هذا في كتابه ولم يذكره منكرا عليه ، بل ذكره ذكر من يظن أن هذا إسناد أو حديث ، مع أنه لا يجوز ذلك ، بل لا بدّ في الأحكام من التشدّد» (٦). ونضيف أن في سند الحديث آفة أخرى هو الحسين الكاشغري ، وهو الحسين بن علي بن خلف الكاشغري المتوفى بعد ٤٨٤ ه الذي قال فيه ابن النجّار : إنه «كان شيخا صالحا متدينا إلّا أنه كتب الغرائب ، وقد ضعفوه واتهموه بالوضع ؛ وقال شيرويه الديلمي : عامة حديثه مناكير إسنادا ومتنا ، لا نعرف لتلك الأحاديث وجها ... رأيت له جزءا جمع فيه أحاديث وسمّاها جائزة المختار ،
__________________
(١) الترجمة ٣٠٤ ، وسنده هو : ظليم بن حطيط الدبوسي قال : سمعت الفريابي ـ وهو نفسه محمد بن تميم الفاريابي ـ يقول : سمعت الثوري يقول ...
(٢) الترجمة ١٠٢١ و١١٦١ ، وقد ورد في الترجمة ٧٩ : «تفكهوا وعظموا البطيخ فإن ماءه رحمة وحلوه من حلو الجنة ، من أكل لقمة من البطيخ كتب الله تعالى له سبعين ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة ، لأنه أخرج من الجنة» (!!). قال السيوطي في اللآلىء المصنوعة (٢ / ٢١٠): «لا يصحّ في فضل البطيخ شيء إلا أن رسول الله (ص) أكله».
(٣) الترجمة ١٥٦ من القند.
(٤) الأنساب ، ٥ / ٢٦٠.
(٥) لسان الميزان ، ٧ / ١٤٤.
(٦) نفس المصدر ، ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.