استمرت سمرقند في ممارسة دورها الحضاري إلّا أن تعاقب الغزوات وخاصة المغولية قد أدت إلى نهبها وطرد الكثير من سكانها. لكنها استعادت عافيتها عندما اختارها تيمور لنك في ٧٧١ ه عاصمة لدولته الفتية «وراح يزينها بكل آيات الروعة والفخامة» ثم جاء ألغ بك حفيد تيمور (توفي سنة ٨٥٣ ه) فجملها بقصره المعروف ب «چهل ستون» (١) [القصر ذي الأربعين عمودا]. ثم جاء الاحتلال الروسي حيث اتسم العهد القيصري بروسيا (١٤٨٠ ـ ١٩١٨ م) «بالقتل واستباحة الدماء والتنكيل وحروب الإبادة الشاملة التي شنت ضد المسلمين وخاصة في عهد إيفان الملقب بالرهيب (حكم من ١٥٣٠ ـ ١٥٨٤ م) ، فكان على المسلمين أن يتنصّروا أو يتركوا أوطانهم ويهاجروا ، واستمرت هذه السياسة في عهد خلفائه وخاصة من أسرة رومانوف (١٦١٣ ـ ١٩١٧ م). وقد نهب الروس خيرات المنطقة وثرواتها الاقتصادية وسيطروا على المراكز التجارية في سمرقند وطشقند» (٢).
وخلال عهد الاستعمار الروسي الشيوعي (١٩١٧ ـ ١٩٩١ م) لبلدان آسيا الوسطى جرى التركيز على تدمير أوزبكستان وحواضرها التاريخية سمرقند وبخارى وطشقند ، فأوزبكستان «تحتل موقعا خاصا في الإسلام ، ففي إقليمها تقع أهم الإدارات الإسلامية الروحية وكذلك المدرستان الوحيدتان النشيطتان وهما ميري عرب في بخارى والإمام إسماعيل البخاري في طشقند ... والجوامع النشطة في أوزبكستان أكثر عددا مما في جميع الجمهوريات [السوفيتية] الأخرى ... وغالبية الأوزبكيين مسلمون سنيون على المذهب الحنفي. وفي سمرقند وبخارى
__________________
من عيون الجنة وقبر من قبور الأنبياء وروضة من رياض الجنة ، تحشر موتاها يوم القيامة مع الشهداء ، ومن خلفها تربة يقال لها قطوان يبعث منها سبعون ألف شهيد ، يشفع كل شهيد في سبعين من أهل بيته وعترته».
ونذكر بأن برية قطوان قد شهدت معركة طاحنة سنة ٥٣٦ ه بين جيوش «الخطا والصين والترك» بقيادة كوخان والمسلمين بقيادة سنجر انجلت عن هزيمة المسلمين وكما يقول بن الأثير فإن قتلى المسلمين وجرحاهم في وادي درغم كانوا عشرة آلاف (الكامل ، ١١ / ٨٦) ومن بين القتلى كان الحسام الشهيد ابن مازة الذي ذكرناه آنفا.
(١) دائرة المعارف الإسلامية ، مادة «سمرقند».
(٢) سمرقند ، تاريخها وحضارتها ، ٣٣.